وَإِذا عرفت بطلَان مَا أجابوا بِهِ. تقرر لَك أَن الثَّلَاث الْآيَات دَالَّة على مَا أردناه. فَإِن المحو وَالْإِثْبَات عامان يدْخل تَحت عمومها الْعُمر والرزق والسعادة والشقاوة وَغير ذَلِك.
وَمعنى الْآيَة الثَّانِيَة أَنه لَا يطول عمر إِنْسَان وَلَا يقصر، إِلَّا وَهُوَ فِي كتاب أَي اللَّوْح الْمَحْفُوظ. وَمعنى الْآيَة الثَّالِثَة: أَن للْإنْسَان أجلين يقْضِي الله سُبْحَانَهُ لَهُ بِمَا يَشَاء مِنْهُمَا من زِيَادَة أَو نقض.
فَإِن قلت: فعلام تحمل مثل قَوْله تَعَالَى: {فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} وَقَوله سُبْحَانَهُ: {لن يُؤَخر الله نفسا إِذا جَاءَ أجلهَا} وَقَوله سُبْحَانَهُ {إِن أجل الله إِذا جَاءَ لَا يُؤَخر} . قلت: أفسرها بِمَا هِيَ مُشْتَمِلَة عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ: فِي الْآيَة الأولى: " فَإِذا جَاءَ أَجلهم " وَقَالَ فِي الثَّانِيَة " إِذا جَاءَ أجلهَا "، وَقَالَ فِي الثَّالِثَة: " إِن أجل الله إِذا جَاءَ ".
فَأَقُول: إِذا حضر الْأَجَل، فَإِنَّهُ لَا يتَقَدَّم، وَلَا يتَأَخَّر. وَقبل حُضُوره يجوز أَن يُؤَخِّرهُ الله بِالدُّعَاءِ أَو بصلَة الرَّحِم، أَو بِفعل الْخَيْر، وَيجوز أَن يقدمهُ لمن عمل شرا، [أَو] قطع مَا أَمر الله بِهِ أَن يُوصل، وانتهك محارم الله سُبْحَانَهُ.