الْأَجَل والرزق، والسعادة والشقاوة، وَبَين الْأَحَادِيث فِي طلب الدُّعَاء من العَبْد، وَأَن الله يُجيب دعاءه، وَيُعْطِيه مَا سَأَلَ مثله، وَأَنه يغْضب إِذا لم يسْأَل، وَأَن الدُّعَاء يرد الْقَضَاء وَنَحْو ذَلِك مِمَّا قدمنَا، كصلة الرَّحِم، وأعمال الْخَيْر.
فأحمل أَحَادِيث الْفَرَاغ من الْقَضَاء على عدم تسبب العَبْد بِأَسْبَاب الْخَيْر أَو الشَّرّ وأحمل الْأَحَادِيث [الْأُخْرَى] على وُقُوع التَّسَبُّب من العَبْد بِأَسْبَاب الْخَيْر أَو التَّسَبُّب بِأَسْبَاب الشَّرّ.
وَأَنت خَبِير بِأَن هَذَا الْجمع لَا بُد مِنْهُ لِأَن الَّذِي جَاءَنَا بالأدلة الدَّالَّة على أحد الْجَانِبَيْنِ هُوَ الَّذِي جَاءَنَا بالأدلة الدَّالَّة على الْجَانِب الآخر. وَلَيْسَ فِي ذَلِك خلف لما وَقع فِي الْأَزَل، وَلَا مُخَالفَة لما تقدم الْعلم بِهِ، بل هُوَ من تَقْيِيد المسبات بأسبابها، كَمَا قدر الشِّبَع والري بِالْأَكْلِ وَالشرب، وَقدر الْوَلَد بِالْوَطْءِ، وَقدر حُصُول الزَّرْع بالبذر.
فَهَل يَقُول قَائِل بِأَن ربط هَذِه المسببات بأسبابها يَقْتَضِي خلاف الْعلم السَّابِق، أَو يُنَافِيهِ بِوَجْه من الْوُجُوه؟ .
فَلَو قَالَ قَائِل: أَنا لَا آكل، وَلَا أشْرب، بل أنْتَظر الْقَضَاء، فَإِن قدر الله لي ذَلِك كَانَ، وَإِن لم يقدره لم يكن، أَو قَالَ: أَنا لَا أزرع وَلَا أجامع زَوْجَتي فَإِن قدر الله لي الزَّرْع وَالْولد حصلا، وَإِن لم يقدرهما لم يحصلا.
أَلَيْسَ هَذَا الْقَائِل قد خَالف مَا فِي كتب الله سُبْحَانَهُ، وَمَا جَاءَت بِهِ رسله