يقبضون الرّوح فأضاف الْحق ذَلِك لنَفسِهِ لِأَن ترددهم عَن أمره قَالَ: وَهَذَا التَّرَدُّد ينشأ عَن إِظْهَار الْكَرَاهَة. فَإِن قيل إِذا أُمر الْملك بِالْقَبْضِ كَيفَ يَقع مِنْهُ التَّرَدُّد؟ فَالْجَوَاب أَنه مُتَرَدّد فِيمَا لم يحد لَهُ فِيهِ الْوَقْت كَأَن يُقَال. لَا تقبض روحه إِلَّا إِذا رضى " انْتهى.
أَقُول: انْظُر مَا فِي هَذَا الْكَلَام من الْخبط والخلط. فَإِنَّهُ أَولا جعل التَّرَدُّد للْمَلَائكَة فَأخْرج الْكَلَام عَن مَعْنَاهُ إخراجاً لَا يبْقى للمعنى الْأَصْلِيّ مَعَه أثر قطّ. وَكَأَنَّهُ جعله من الْمجَاز الْعقلِيّ كَقَوْلِه بنى الْأَمِير الْمَدِينَة وَهُوَ عَنهُ أَجْنَبِي، فَإِنَّهُ قد وَقع الْبناء فِي الْخَارِج. وَإِنَّمَا نسب الْفِعْل إِلَى [الْأَمِير] . وَأما هَذَا فَلم يكن للتردد الْوَاقِع من الْمَلَائِكَة فَائِدَة قطّ وَلَا وجد فِي الْخَارِج [لَهُ] أثر. ثمَّ قَالَ: وَهَذَا التَّرَدُّد ينشأ عَن إِظْهَار الْكَرَاهَة، فَيُقَال: إِن كَانَ هَذَا الْإِظْهَار من جِهَة الرب سُبْحَانَهُ فَهُوَ يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل آخر كَمَا احْتِيجَ التَّرَدُّد إِلَى تَأْوِيل. فَإِن الكرهة أَلا تجوز عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَعْنى.
ثمَّ لم يظْهر لهَذَا الْإِظْهَار فَائِدَة. فَإِن ذَلِك العَبْد الَّذِي وَقع التَّرَدُّد فِي قبض روحه لم يمت إِلَّا بأجله المحتوم من دون أَن يتَقَدَّم عَنهُ سَاعَة، أَو يتَأَخَّر عَنهُ سَاعَة. ثمَّ انْظُر إِلَى مَا أوردهُ على نَفسه من قَوْله: فَإِن قيل: إِذا أُمر الْملك