وَأما قَوْله: وَقد ورد تفعَّل بِمَعْنى فعل مثل تفكر الخ فَأَقُول: هَذَا مُسلم فِيمَا لم يخرج مِنْهُ الْمَعْنى إِلَى معنى آخر، فَإِن فكر، وتفكر، لم يخرجَا عَن معنى حُصُول الفكرة للْعَبد فِي شَيْء متفكر فِيهِ. وَكَذَلِكَ دبَّر وتدبَّر فَإِنَّهُمَا راجعان إِلَى معنى التَّدْبِير، وَكَذَلِكَ هدد وتهدد. وَأما التَّرَدُّد والترديد فَلَا يرجعان إِلَى معنى كَمَا بَينا، بل لكل وَاحِد مِنْهُمَا معنى مُسْتَقل يغاير معنى الآخر لمن تدبر وتفكر.
قَالَ فِي الْفَتْح: " وَعَن بَعضهم يحْتَمل أَن يكون تركيب الْوَلِيّ يحْتَمل أَن يعِيش خمسين سنة وعمره الَّذِي كتب لَهُ سَبْعُونَ، فَإِذا بلغَهَا فَمَرض دَعَا الله تَعَالَى بالعافية فَيُجِيبهُ عشْرين أُخْرَى مثلا. فَعبر عَن قدر التَّرْكِيب وَعَما انْتهى إِلَيْهِ بِحَسب الْأَجَل الْمَكْتُوب بالتردد " انْتهى.
أَقُول: هَذَا التَّأْوِيل لم يَأْتِ بفائدة قطّ فَإِن الْعُمر الَّذِي هُوَ السبعون لَا بُد أَن يبلغهُ العَبْد على اعْتِقَاد هَذَا الْقَائِل سَوَاء كَانَ التَّرْكِيب مُحْتملا لذَلِك أم لَا، وَسَوَاء مرض عِنْد انْتِهَاء عمره إِلَى خمسين أَو لم يمرض، وَسَوَاء دَعَا الله بالعافية أَو لم يدع. فَإِنَّهُ لَا بُد أَن يبلغ السّبْعين. وَغَايَة مَا هُنَاكَ أَن الله رَحمَه ولف بِهِ فشفاه من مَرضه الَّذِي عرض لَهُ وَهُوَ فِي خمسين سنة.
فَأَي شَيْء هَذَا، وَمَا الْجَامِع بَينه وَبَين معنى التَّرَدُّد الْمَذْكُور فِي الحَدِيث؟ قَالَ فِي الْفَتْح: " وَعبر ابْن الْجَوْزِيّ عَن الثَّانِي بِأَن التَّرَدُّد للْمَلَائكَة الَّذين