الْمَوْت بِمَا يُورِدهُ عَلَيْهِ من الْأَحْوَال، فيأتيه الْمَوْت وَهُوَ لَهُ مُؤثر، وَإِلَيْهِ مشتاق.
قَالَ: " وَقد ورد تفَعَّل بِمَعْنى فَعَل مثل تَفَكَّر، وفَكَّرَ، وتَدَبَّر ودَبَّرَ، وتهدد وهدد وَالله أعلم " انْتهى.
أَقُول: كَلَامه هَذَا قد اشْتَمَل على أَمريْن: أَحدهمَا هُوَ كالتفسير لما ذكره الْخطابِيّ، وَلكنه ربطه بغاية هِيَ قَوْله إِلَى أَن تنْتَقل محبته فِي الْحَيَاة إِلَى محبته فِي الْمَوْت، فَصَارَ كَلَامه بِهَذِهِ الْغَايَة أتم من كَلَام الْخطابِيّ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا جعل حَاصِل الْوَجْهَيْنِ اللَّذين ذكرهمَا، هُوَ عطف الله على العَبْد. ولطفه بِهِ وشفقته عَلَيْهِ.
وَيُقَال للكلاباذي غَايَة مَا جَاءَ بِهِ التَّأْوِيل الَّذِي ذكرته أَن التَّرَدُّد الَّذِي حَكَاهُ الله عَن نَفسه هُوَ انْتِقَال العَبْد من حَالَة إِلَى حَالَة. فأخرجت التَّرَدُّد عَن مَعْنَاهُ، وأخرجت المتردد إِلَى اخْتِلَاف أَحْوَال المتردد فِي شَيْء من الْأُمُور الْمُتَعَلّقَة بِهِ. وَهَذَا إِخْرَاج للمعنى إِلَى معنى مُغَاير لَهُ بِكُل حَال وعَلى كل وَجه.
وَيُقَال للخطابي: جعلت التَّرَدُّد فِي الْمَوْت عطف الله على الْعباد ولطفه بِهِ وشفقته عَلَيْهِ. وَهَذَا معنى لَا جَامع بَينه وَبَين التَّرَدُّد فِي موت العَبْد، فَإِن لطف الله [بعباده] وَعطفه عَلَيْهِم وشفقته بهم أَمر مَقْطُوع بِهِ لَا تردد فِيهِ مِنْهُ عز وَجل وَأما مَا ذكره الكلاباذي من قَوْله: (وَقد يحدث الله فِي قلب عَبده من الرَّغْبَة فِيمَا عِنْده والشوق إِلَيْهِ الخ) . فَهُوَ تَكْرِير لقَوْله قبله إِلَى أَن تنْتَقل محبته فِي الْحَيَاة إِلَى محبته فِي الْمَوْت، وَقد قدمنَا الْجَواب عَنهُ.