غير النُّور، وَالشَّيْء الَّذِي حلا بِهِ غير هَذَا الْحَال. نعم قد يَقع الْغَلَط كثيرا عِنْد إِطْلَاق لفظ الْوحدَة مَعَ تعدد مَعَانِيهَا، فَإِنَّهُ يُقَال وحدة شُهُود ووحدة قصود ووحدة وجود.
فَالْأولى مَعْنَاهَا أَنه لَا يشْهد إِلَّا الله وَيقطع النّظر عَمَّا سواهُ، وَهَذِه وحدة محمودة.
وَالثَّانيَِة مَعْنَاهَا: لَا يقْصد إِلَّا الله وَيقطع النّظر عَن قصد غَيره، وَهَذِه وحدة محمودة.
وَأما الثَّالِثَة فَهِيَ الَّتِي جَاءَت على خلاف الشَّرْع وَالْعقل.
نسْأَل الله سُبْحَانَهُ أَن يهدينا إِلَى مَا يرضيه منا من طَرِيق لَا يقْدَح فِيهَا شكّ وَلَا تعترض فِيهَا شُبْهَة، وَلَا يكون للشَّيْطَان علينا سَبِيل.
وَاعْلَم أَنه لم يكن لدي عِنْد تأليف هَذَا الشَّرْح شَيْء من الشُّرُوح إِلَّا شرح الْفَتْح لِابْنِ حجر رَحمَه الله، وَلم يذكر فِيهِ وَجه تَقْدِيم قَوْله: " كنت سَمعه على مَا بعده " مَعَ أَن الْآيَات الكونية والعبر الخلقية تتَعَلَّق بحاسة الْبَصَر أَكثر من تعلقهَا بحاسة السّمع.
وَلَعَلَّ وَجه ذَلِك وَالله أعلم أَن الْآيَات التنزيلية والعبر القولية إِنَّمَا تدْرك ابْتِدَاء بِالسَّمْعِ ولاحظ لِلْبَصَرِ فِيهَا، وَكَذَلِكَ سَائِر مَا شَرعه الله لِعِبَادِهِ لِأَنَّهَا إِمَّا أَفعَال أَو حِكَايَة أَفعَال وَهِي لَا تدْرك ابْتِدَاء إِلَّا بِالسَّمْعِ، فَكَأَن السّمع مُخْتَصًّا بِالْآيَاتِ التنزيلية والعبر القولية وَجَمِيع مَا جَاءَت بِهِ الشَّرِيعَة.