عادى لي وليا برد عَلَيْهِم لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وجود معاد ومعادي ومعادى لأَجله. وَيَقْتَضِي وجود موالى وموالي، وَيَقْتَضِي وجود مُؤذن ومؤذن ومحارب ومحارب، ومتقرب ومتقرب إِلَيْهِ وَعبد ومعبود ومحِب، ومحَب وَهَكَذَا إِلَى آخر الحَدِيث.
فَهُوَ جَمِيعه يرد على الاتحادية المتمسكين بِهِ من حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ فَإِن قلت: لَعَلَّه اقْتصر فِي الِاسْتِدْلَال على الرَّد عَلَيْهِم بذلك الْوَجْه الْمَأْخُوذ من ذَلِك اللَّفْظ لكَونه أوضح مِمَّا يُسْتَفَاد مِنْهُ الرَّد عَلَيْهِم فِي سَائِر أَلْفَاظ الحَدِيث.
قلت: لَيْسَ ذَلِك الْوَجْه أوضح من غَيره حَتَّى يكون لتأثيره على مَا عداهُ مزية بل هِيَ كلهَا مستوية من هَذِه الْحَيْثِيَّة.
بل الوضوح أظهر فِي قَوْله: " وَمَا ترددت عَن شَيْء أَنا فَاعله ترددي عَن نفس الْمُؤمن "، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي وجود مُتَرَدّد ومُتَرَدَّدٍ فِيهِ وفاعل ومفعول وَوُجُود نفس مُتَرَدّد فِيهَا وَهِي نفس العَبْد الْمُؤمن ومتردد وَهُوَ الْقَابِض لَهَا وكاره للْمَوْت وَهُوَ الْمُؤمن وكاره لمساءته وَهُوَ الرب سُبْحَانَهُ.
وَالْحَاصِل أَن قَول الاتحادية يقْضِي عقل كل عَاقل بِبُطْلَانِهِ وَلَا يحْتَاج إِلَى نصب الْحجَّة مَعَهم.
وأصل الشُّبْهَة الدَّاخِلَة عَلَيْهِم مَنْقُول الثنوية فَإِنَّهُم جعلُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِلَه الْخَيْر وإله الشَّرّ: فإله الْخَيْر النُّور وإله الشَّرّ الظلمَة، وجعلوهما أصل الموجودات كلهَا، فَإِذا غلب النُّور صَار العَبْد نورانياً، وَإِذا غلبت الظلمَة صَار العَبْد ظلمانياً.
وغفلوا عَن كَون هَذَا الْمَذْهَب الكفري يرد عَلَيْهِم بادئ بَدْء، فَإِن الظلمَة