فدل على أن ما يهدي له لو كان في بيت أبيه وأمه حلال، وما يهدي له لغير ذلك حرام، والصدقة تعطي له لفقره، الذي لو كان في بيت أبيه وأمه، كان متصفا به، فهي كالهدية/ للعالم والصالح ليست من الولاية في شيء، هذا إذا تحقق هذا القصد أو غلب على ظنه، ومن هذا يمكن أن يقال إذا سمع شخص من بلاد بعيدة بعلمه فأهدى إليه لعلمه أو صلاحه ولم يعلم بولايته، يجوز له القبول، ولا يكون في معنى الهدية للحاكم.

وأما كون التنزه عنها أولى، فصيانة لمنصب القضاء، فإنه ينبغي أن يكون بعين الكمال، وبعض العوام المتصدقين، لجهله قد ينظر من يأخذ صدقته، بعين النقص، وقوله: ما أمكن، لأنه قد تشتد حاجته إليها، فيكون القبول أولى، دفعا لحاجته وحاجة عياله.

وأما كون ذلك يتخذ وسيلة إلى الرشا فلا، لأن الحاكم والمتصدق متى فهما ذلك زال المحذور، ويكون المتصدق إذا لم يخلص نيته بذلك، مضيعا لماله، ولا يقبل قوله فيما قال خلافه، ولا تبقى حالته مستدعية ميل القاضي إليه وأن مال القاضي مع ذلك كان أخرق.

وأما المعنى الذي حرمت الهدية لأجله، فقد أبدينا الفرق بينهما، وأن المعنى ليس موجودا في الصدقة، فضلا عن كونه قويا، وتأمل قولنا: الصدقة لله، ولو كان معناه ثواب الآخرة، لم يكن فرق بينهما، وبين الهدية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015