والميل، ووجه المهدى إليه، والميل هو المحذور في القاضي فافترقا.
وهذا المعنى الذي لمحناه في الصدقة ينبغي أن نفهمه، فإن الصدقة، والهدية، والهبة، ثلاثتها مندوبات، ويثاب عليها، إذا قصد بها وجه الله، فلابد من مميز للصدقة عنهما والمميز ما أشرنا إليه، من أن الصدقة لله، فاللام هنا لام الملك، واللام في قولنا وهب لله وأهدى لله لام التعليل، فالمتصدق ممتلك لله كما تقول: ينتقل الوقف لله، والمهدي مملك للمهدي إليه، وقد يكون لأجل الله، فإذا عرفت هذا فلا منة للمتصدق على الفقير، ولا تمليك منه له، ولا يد له عليه، يطلب منه مجازاته بها، وإن وجد ميل من الفقير إليه بسببها، فلأن القلوب مجبولة على حب من أحسن إليها، من غير أن تكون الصدقة تتقاضى ذلك، وتستدعيه، كما تستدعيه الهدية، فإن المهدي في العادة يستدعي الثواب على هديته، من المهدي إليه، إما بالمال وإما بغيره، بخلاف المتصدق، فإذا تحقق للقاضي الفقير هذا المعنى، ومال بعد ذلك بسبب الصدقة، يكون أخرق، وأيضًا فإن الهدية إنما تحرم على القاضي إذا كانت بسبب الولاية، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر هل يهدي له أم لا"؟