والثاني: أن الرشد توقف عليه حقيقة بطريق الاختبار، فلا معنى للرجوع فيه إلى الإقرار، كمن كان بمكة وتيسرت عليه معاينة الكعبة /، لا يجوز له الاجتهاد في طلبها. انتهى.

وأنا أوجه بشيء ثالث، وهو أن نظر الأب لمصلحة الولد، فليس الحجر على الولد حقا عليه، بل حق له، فدعواه على أبيه ليست بحق له، ولا بما ينفع في الحق، بل هو صفة كمال له، لا يثبت إلا بالبينة، ولو أقر بها الأب لم تثبت، وإنما يؤخذ في حق نفسه.

ولو ادعى شخص حسبة ـ بعد توافق الأب والابن على الرشد ـ بأنه سفيه، كان حقا على القاضي أن يكشف عنه، فإن ثبت سفهه منعه من التصرف، وإن ثبت رشده مكنه، وإن جهل حاله، فيحتمل أن يقال: الأصل السفه، فلا يثبت الرشد إلا بيقين، ويحتمل أن يقال: الظاهر الرشد، لأنه الغالب من أحوال الكبار، وقد اتفق الأب والابن عليه.

وفائدة هذا البحث، لو باع أو وقف ونحوه، وطلب من الحاكم الحكم بصة تصرفه، هل يتوقف على بينة برشده أو يحكم بالصحة حتى يتبين بالبينة سفهه؟ والأقرب الأول، وأن من شرط الحكم بالصحة ثبوت رشده، إذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015