قال بعض العلماء الذين يقولون بحياة الخضر وأنه لا يزال حياً: إن هذا الحديث ليس فيه دليل على أن الخضر مات، لأن عيسى بن مريم حي والحديث لم يشمله، والدجال حي والحديث لم يشمله، فهو لم يشمل الخضر إذاً، وهذا الكلام قد يبدو وجيهاً لكنه ليس بوجيه لسببين اثنين: السبب الأول: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يعيش أحد على ظهر الأرض) والمسيح في السماء، فالحديث لا يشمله بطبيعة الحال.
السبب الثاني: الدجال في الأرض وهو حي، ولكن ثبتت أحاديث كثيرة تدل على أنه لا يموت حتى يأتيه أجله، فحديث حياة الدجال مستثنى من ذلك العموم، ومخصوص به وحده، وهذا الحديث سارٍ على كل أحد دون الدجال.
ولم يأتِ في حديث صحيح ولا ضعيف أن الخضر حي حتى اليوم.
ثم الذين يقولون بحياة الخضر عليه السلام، نقول لهم: أين يعيش؟ يقولون: هو يعيش في القفار يعتزل الناس، فنقول: سبحان الله! قال الله عز وجل في كتابه الكريم: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران:81] والخضر نبي، قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: (أخذ الله الميثاق على كل نبي يأتي محمد صلى الله عليه وآله وسلم برسالته وهو حي أن يؤمن به ويجاهد معه) ، فلو كان الخضر حياً للزمه أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويجاهد معه ويؤمن به، ولو جاء الخضر إلى النبي عليه الصلاة والسلام لكان هذا من أعظم المعجزات؛ لأنه رجل حي من زمن آدم، فكيف لا يأتي به إسناد واحد صحيح؟ فهذا من أعظم الآيات على أن الخضر عليه السلام مات.
ثم إن الخضر عندما جعل موسى عليه السلام يعترض عليه في كل أمر يفعله، قال له: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف:78] فكيف يترك الخضر صحبة موسى عليه السلام ثم يصاحب المرقة الخارجين من الشرع، الذين لا يصلون ولا يزكون ولا يحضرون جمعة ولا جماعة ولا يحجون؟! وهل هذا إلا من أعظم العيب له والطعن فيه؟! وأمور كثيرة لو استقصيناها لوجدنا أن الخضر لا يمكن أن يكون حياً بل قد مات، هذا فيما يتعلق بالخضر ونبوته وأنه عليه السلام مات.