قصه الحضاره (صفحة 16086)

وفي مواجهة أعدائه داخل فرنسا قد يجد بعض عناصر الدّعْم العام لم تكن كلها متمشية مع آرائه وطبيعته، وكان الجيش هو الأكثر توافقاً معه، ذلك الجيش الذي كان مخلصا له (فيما خلا القوات الموجودة في بوردو رضي الله عنهordeaux والفندي) باعتباره مخطط النصر والمكافئ عليه· وكانت الشرائح الدنيا من الأمة الفرنسية - الفلاحون والبروليتاريا وجماهير المدن - على استعداد لإتباع قيادته لكنها - أي هذه الشرائح - كانت تأمل أن يتمكن من تجنّب الحرب، كما أنهم لم يعودوا يعبدونه عبادة تجعله متكبراً طائشا· ولازال هناك كثير من اليعاقبة في المدن راغبين في نسيان عداوته لهم إذا ما أعلن ولاءه للثورة· وقد قبل تأييدهم له لكنه لم يتعهّد بالانضمام إليهم في حربهم ضد التجّار ورجال الدين·

وكان نابليون محلّ إعجاب الطبقة الوسطى باعتباره واضع أسس النظام الاجتماعي والأخلاقي منذ مذابح سبتمبر، وقد أصبح هذا النظام محور فلسفته السياسية، ولكنها - أي الطبقة الوسطى - لم تقدم له الدّعم ولم تقدّم له أبناءها· لقد كانت الطبقة الوسطى تقدّر حرية التجارة وحرية الصحافة لكنها لم تكن تؤيد حرية الاقتراع العامة (السرية) أو الحديث العام؛ فقد كانت تخشى الرّاديكاليين وترغب في قَصْر حق الانتخاب على الملاَّك· لقد كان أفراد الطبقة الوسطى قد انتخبوا مجلس النواب وقرروا حماية حقوق هذا المجلس لمواجهة سلطان الملك (أو الإمبراطور) وسياساته· كما أن ذلك القسم الصاعد من البورجوازية (الصحفيين والمؤلفين والعلماء والفلاسفة) قد أوضح بجلاء أنه سيحارب بكل أسلحته أي محاولة يقوم بها نابليون لفرض سلطة إمبراطورية مرة أخرى·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015