وراح أهل نابلي وأمراؤها ينتظرون اللحظة التي يسقط فيها مورا Murat المنكفئ على ذاته مُخلياً الطريق أمام البوربون رضي الله عنهourbon الشرعيِّين الممسوحين بالزيت (أي المكرّسين الذين اعتمدتهم الكنيسة) · أما النمسا - وقد مزّقتها الحرب، وتعرضت للإهانة بسبب سلامٍ مفروض عليها - فراحت تنتظر توَّاقة إلى ميترنيخ Metternich كي يحرّرها بشيء من براعته الدبلوماسية من تحالف مفروض عليها مع عدوّها التقليدي (فرنسا) · أما دول كونفدرالية الرَّاين على طول نهر الرَّاين فراحت تحلم بالازدهار الذي لا يكون بتسليم أبنائهم للعبقري الأجنبي صعب المراس· أما بروسيا فقد تمّ تجريدها من نصف المناطق التابعة لها (جرى تقليص حدودها إلى النصف) ومن نصف مواردها، وتمّ هذا على يد عدوّها القديم والتي أصبحت (أي بروسيا) الآن حليفته على غير رغبتها· إنها الآن ترى عدوّها (ناهبها) وقد مزقته كارثة مروّعة: لقد حانت الفرصة - أخيراً - والتي طالما تمنوّها· إنها الآن تتذكر دعوة فيشته Fichte وهي الآن تُصيخ السمع إلي مناشدة شتاين Stein المنفي، لطرد هؤلاء الجنود الفرنسيين الذي يَعِسُّون بينهم وهؤلاء الجامعين لتعويضات الحرب الذين يستنزفونهم، وليهبوا أقوياء أحراراً كما كانوا في ظل فريدريك وليصبحوا حصناً للحرية الألمانية·
وكان يكمن خلف هذا الامتعاض والتمرد ذي الأصول المشتركة، الأخبارُ المدهشة التي مُفادها أنّ روسيا لم تهزم فحسب جيش هذا الكورسيكي Corsican الذي كان من المفترض أنه لا يُهزم، ولم تطرد - فحسب - الجيش الفرنسي من فوق التراب الروسي، وإنما كانت تتعقّبه عبر الحدود إلى دوقية وارسو (فرسافا) Warsaw الكبيرة، وكانت (أي روسيا) تدعو قلب أوروبا للانضمام إليها في حرب مقدسة للإطاحة بالمغتصب (نابليون) الذي جعل من فرنسا مركزاً لطغيانه في القارة الأوروبية·