قصه الحضاره (صفحة 16007)

كيف دفع تكاليف كل هذه المؤن ونقلها وخزنها وكيف دفع لجنده ومستخدميه؟ لقد فرض الضرائب وفرض على المقرضين إقراضه وأخذ القروض من بنك فرنسا ومن البنوك الخاصة، وأخذ الملايين من المبالغ الخاصة به والبالغة 380 مليون فرنك ذهباً والتي أودعها في أقبية التوليري Tuileries، وراح يقاوم الإسراف أينما كان ووبَّخ مطلّقته الحبيبة جوزيفين لأنها تنفق كإمبراطورة وامتدح الإمبراطورة ماري لويز Marie Louise لاقتصادها في النفقات· وباختصار فإنه قال في وقت لاحق: "إن معركة روسيا··· كانت هي الأفضل، والأكثر إتقاناً، والأكثر براعة في قيادتها، بل والأكثر منهجية (نظاماً) من بين كل المعارك التي قُدْتها"·

أكان كفؤاً لقيادتها؟ ربما كان أكثر معاصريه كفاءة لكنه كان أقل ملائمة مما تحتاجه مثل هذه المعركة· لقد كان في الثالثة والأربعين، وكان في هذه السن قد أَلِفَ بالفعل حياة المعسكرات وواجبات المعارك، ويمكننا أن نفترض أنه ربما كان يعاني من آلام عوَّقته في بورودينو رضي الله عنهorodino وواترلو Waterloo ( بعد ذلك): آلام في المعدة، صعوبات متوالية في التبوّل، آلام البواسير· ومع هذا فقد كان لا يزال رفيقاً عادلاً وزوجاً طيباً لماري لويز وأباً مولعاً بابنه منها· ولكنه كان قد أصبح بعد ثمانية أعوام من الحكم الإمبراطوري نافد الصبر دكتاتوراً سهل الاستثارة سريع الغضب مُغالياً في تقدير قدراته العقلية وإمكاناته السياسية· مع استثناءات كثيرة: لقد تحمل انتقادات كولينكور بفكاهة وصدر رحب· وغفر كثيراً من الأخطاء المكلّفة لإخوته وجنرالاته· وكانت تمر به لحظات ينظر فيها لنفسه نظرة واقعية: يخبرنا سكرتيره أنه: "في الحالات التي كان يستغرق فيها في التفكير والتأمل كنت أسمعه يشخّص وضعه وموقفه بعبارة يقول فيها لقد شددنا القوسَ إلى منتهاه". لكنه قلما كان يفقد الرؤية والإحساس بالقصور· لقد قال لناربون Narbonne وبعد كل هذا، "فإن هذا الطريق الطويل [إلى موسكو] هو الطريق إلى الهند"·

وعلى هذا ففي 9 مايو 1812 غادر سان كلود St.-Cloud قاصداً موسكو على الأقل، لقد كان كل شيء في حياته مقامرة، وكانت هذه (ذهابه بجيشه إلى موسكو) هي أكبرها·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015