الفصل الثالث والثلاثون
حول القلب من 1789 إلى 1812 م
شعرت هذه الأرض المباركة بنبض الثورة الفرنسية بكل مودة الجار· لقد رحب الليبراليون السويسريون بالثورة الفرنسية كدعوة للحرية، وأعلن جوهان (يوهان) فون ميلر Johannes von Muller (1752 - 1809) أشهر المؤرخين المعاصرين في 14 يوليو 1789 أن يوم قيام الثورة الفرنسية هو أفضل يوم في تاريخ أوربا منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية، وعندما تولى اليعاقبة Jacobins زمام الأمر، كتب لأحد أصدقائه:
"الذي لا شك فيه أنك تشاركني أسفي أنه في الجمعية الوطنية (الفرنسية) نجد الفصاحة والبلاغة تطغى على الفهم الصحيح، وربما تفهم أنه نظراً لرغبتهم في أن يكونوا أحرارا إلى أقصى درجة فلن يكونوا أحرارا أبداً· ومع هذا لابد أن تتمخض الأيام عن شيء لأن هذه الأفكار تسكن في كل قلب"·
فريدريك - سيزار دي لاهارب Frederic-Cesar de La Harpe - الذي كان قد عاد في سنة 1796 إلى موطنه سويسرا - بعد أن أشرب عقل زارفتش إسكندر Czarevich صلى الله عليه وسلمlexander بالليبرالية - انضم مع بيتر (بطرس) أوكس Peter Ochs وغيره من الثوار السويسريين ليكونوا النادي السويسري ( Helvetic) الذي عمل على الإطاحة بحكم الأوليجاركيات Oligarchies ( الأوليجاركية نظام يقوم على حكم الأقلية) التي تحكم الكانتونات cantons ( الولايات) السويسرية·
وعندما كان نابليون يمر عبر سويسرا بعد غزوته الأولى لإيطاليا، لاحظ هذه الومضات فلفت نظر حكومة الإدارة في فرنسا أنها ستجد أعوانا كثيرين إذا اختارت مواجهة النشاطات المعادية للثورة الفرنسية التي يقوم بها المهاجرون الفرنسيون emigres الذين تركوا فرنسا إثر أحداث الثورة فيها، والذين - أي هؤلاء المهاجرون - يجدون ملجأ عند الأرستقراطية السويسرية التي لهم العون· وأدركت حكومة الإدارة في فرنسا القيمة الإستراتيجية لسويسرا في الصراع بين فرنسا والأمراء الألمان، فأرسلت جيشا إلى الكانتونات (الولايات السويسرية) وضمت جنيف وقضت على حكم الأوليجاركات، وأقامت - بعون متحمس من الثوريين السويسريين - الجمهورية السويسرية (الهلفتية Helvetic) تحت الحماية الفرنسية (1798) ·