قصه الحضاره (صفحة 14830)

وأرسل الإمبراطور فرانسيس الثاني جيشا قوامه 40,000 مقاتل لمواجهته بقيادة الأرشيدوق كارل لودفيج Karl Ludwig الذي عاد لتوه ثملاً بما حققه من انتصارات على جبهة الراين لكنه عندما علم بأعداد القوات الفرنسية المتقدمة، وهالته شهرة نابليون المقرونة بالاحترام اتخذ إستراتيجية تراجعية (خططاً للانسحاب)، فتعقبه نابليون حتى أصبح على مسافة ستين ميلا من العاصمة النمساوية، وكان يمكنه حتى بلا جيش أن يستولي على المدينة فيحلو له عند ذلك أن يترنم مع هايدن Haydn العجوز وبيتهوفن الشاب· لكن لو أن ذلك حدث لتراجعت حكومة فيينا إلى المجر وساعتها قد تطول مدة الحرب وتتسع رقعتها، وفي وسط الشتاء، وسيكون الجيش الفرنسي في وسط معادٍ عرضة في كل لحظة للهجوم على جناحيه· وفي لحظة نادرة من لحظات الاعتدال وبالحذر الذي استفاد منه كثيرا في سنواته اللاحقة - أرسل نابليون إلى الأرشيدوق دعوة للتفاوض لعقد هدنة، لكن الأرشيدوق رفض العرض، فألحق به نابليون هزائم منكرة في نو ماركت Neumarkt وفي أومتسماركت Umzmarkt فوافق كارل على التباحث، وفي 18 ابريل 1797 في لوبن Leoben عقد القائدان الشابان معاهدة سلام مبدئية يتوقف إقرارها على موافقة حكومتيهما·

وكان الطريق إلى التصديق على المعاهدة مغلقا يعترضه رفض النمسا التسليم من ناحية، وإصرار نابليون على الاحتفاظ بفتوحاته في لومبارديا من ناحية أخرى· لكن حدثاً بدا قليل الشأن أعطى لنابليون فرصة - كفرصة لاعب القمار - ليتخلص من هذا المأزق· لقد كان نابليون قد احتل عدة مدن تابعة للبندقية (فينيسيا)، وقد سرى عصيان مسلح في بعض هذه المدن ضد الحاميات الفرنسية· ولأن مجلس الشيوخ (السينات Senate) في البندقية كان متورطا في إثارة هذا العصيان، فقد عزله نابليون وأحل محله سلطات بلدية (جهاز إداري على نمط المجالس البلدية) تابعة للسيطرة الفرنسية وجردها (أي البندقية) من الأراضي التابعة لها في البر الإيطالي·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015