وعندما حان الوقت لتحويل الاتفاق المبدئي في لوبن ليصبح معاهدة كامبوفورميو Campoformio (17 أكتوبر 1797) عرض نابليون على النمسا أن تكون حرة في ضم البندقية إلى إمبراطوريتها مقابل تنازلها عن لومبارديا وبلجيكا واعترافها بالحقوق الفرنسية على الشاطئ الأيسر لنهر الراين. لقد اعترى أوربا كلها تقريبا رعب شديد بسبب دبلوماسية التبرع بأراضي الآخرين هذه (إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق)، ونسيت آلاف المعاهدات·
وعلى أية حال فإن مكيافيللي الجديد أصر على الاحتفاظ لفرنسا بالجزر التابعة للبندقية في البحر الأدرياتك وهي كورفو Corfu وظانطه Zante وسيفالونيا Cephalonia. فقد كتب نابليون إلى حكومة الإدارة في 16 أغسطس 1797:
"إن هذه الجزر بالنسبة لنا أكثر فائدة لنا من إيطاليا كلها مجتمعة· إنها حيوية لإنعاش تجارتنا وازدهارها وإذا كان علينا أن ندمر إنجلترا بفاعلية فلا بد لنا من الاستيلاء على مصر· فالإمبراطورية العثمانية تذوي يوما بعد يوم، وهذا يرغمنا على استباق الأحداث وأن نتخذ خطوات مبكرة للحفاظ على تجارتنا في الشرق"·
لم يكن لدى الشيوخ إلا القليل ليعلموه لهذا الشاب ابن الثامنة والعشرين (نابليون) ·
وأعاد نابليون تنظيم المناطق التي فتحها فخول لنفسه صلاحيات سياسية واضحة، فجعل من ميلان مركزا لجمهورية سيزالبينية Cisalpine وجعل من جنوا مركزا لجمهورية ليجورية، يحكم كل منهما حكومة ديمقراطية محلية تحت الحماية الفرنسية وأيضا تحت السيادة الفرنسية· والآن وقد انتقم من الفتح القيصري الروماني لبلاد غال، عاد العريف الصغير Little Corporal ( عبارة تدليل أطلقها عليه جنوده) مكللا بغار المجد محملاً بالأسلاب - إلى باريس لاعتماد معاهداته التي أبرمها من حكومة إدارة انتقالية كان هو - بانتصاراته - قد ساعد أعضاءها على البقاء في مناصبهم·