وعلى هذا كان دستور السنة الثالثة Constitution of the year III ( تبدأ السنة الثالثة من 22 سبتمبر سنة 1794) كمراجعة لإعلان حقوق الإنسان (1789) لحذف ما به من تضليل وخداع فيما يتعلق بالفضائل والسلطة· لقد جرى حذف الافتراض القائل إن: "الناس يولدون أحرارا، ويظلون أحرارا متساوين في الحقوق" وعرف المساواة بأنها لا تعني أكثر من أن: "القانون ينطبق على الجميع" وجعل الانتخابات غير مباشرة بمعنى أن يقوم المصوتون Voters ( من كان لهم حق الانتخاب وأدلوا بأصواتهم) بانتخاب مندوبين (أو مفوضين delegates) ليكونوا أعضاء في هيئة المنتخبين (بكسر الخاء) electoral College في كل دائرة (محافظة) ويقوم هؤلاء الناخبون بدورهم باختيار أعضاء الهيئة التشريعية الوطنية (على مستوى فرنسا) وأفراد السلطة القضائية Judiciary والهيئات الإدارية· واقتصرت عضوية هيئة المنتخبين على أصحاب الملكيات وبذا يكون اختيار الحكومة الوطنية منوطا بثلاثين ألف فرنسي·
وقدم واحد من الأعضاء اقتراحا للمؤتمر الوطني بإتاحة حق الانتخاب للنساء لكن عضواً آخر أقنعه بسؤال وجهه: "أين هي الزوجة الصالحة التي تجسر على القول بأن رغبة زوجها غير رغبتها؟ " ورفض مبدأ سيطرة الدولة على الاقتصاد باعتباره غير عملي لأنه يعوق الإبداع والمشروعات ويبطئ من نمو ثروة البلاد·
وضم هذا الدستور بعض الأفكار الليبرالية: لقد أكد على الحرية الدينية، وكذلك حرية الصحافة " لكن في حدود آمنة" (وكانت الصحف في ذلك الوقت في غالبها تديرها الطبقة الوسطى) وأكثر من هذا فإن التصديق على الدستور ترك للناخبين الذكور الراشدين، مع إضافة شرط يدعو للدهشة: أن يكون ثلثا النواب في الهيئات الجديدة أعضاء في المؤتمر وإذا لم ينجح عضو المؤتمر في الانتخابات ملأ الأعضاء (من المؤتمر الوطني) الذين أعيد انتخابهم الفراغ (في الثلثين) باختيار زملاء لهم ممن هم أعضاء في المؤتمر الحالي، وكان تعليل ذلك هو ضرورته لاستمرار السياسات والخبرات·