وكان تأثير الملكة هائلا حتى أن تنين الثورة الصارم اهتز لفرط إخلاصه لها عندما قبل يدها· وتحدث ميرابو لأصدقائه المقربين عن جاذبيتها وسحرها "أنتم لا تعرفون الملكة·· إن لعقلها قوة مدهشة، وهي رجل إذا كان مقياس الرجولة هو الشجاعة"·
وكان ميرابو يعتبر نفسه "شخصا يقبض أو يتسلم أموالاً لكنه لا يشتر" فعلى وفق ما ذكره لامارك فإنه يقبل أموالاً تدفع له للاحتفاظ بآرائه أو للتمسك بآرائه · ولم تكن لديه نية للدفاع عن الحكم المطلق (الاستبدادي) بل على العكس فقد كانت الأفكار التي تقدم بها لوزراء الملك في 23 ديسمبر 1790 تشكل برنامجا للتوفيق بين الحرية العامة (حرية الجماهير) والسلطات الملكية:
"إننا نخطئ الهدف إذا هاجمنا الثورة فهي حركة أعطت لشعب عظيم قوانين أفضل تستحق أن ندعمها··· وإنما يجب قبول روح الثورة وكثير من العناصر في دستورها·· إنني أقدر نتائج الثورة كلها··· باعتبارها فتوحات لا يمكن الانسحاب منها فلا مجال لتدمير هذه النتائج تحت أي ظروف" ·
لقد راح ميرابو يعمل على إنقاذ ما تبقى من السلطات الملكية، يدفعه لذلك إيمانه وإخلاصه من ناحية، وما تلقاه من رشاوى من ناحية أخرى· وقد تشككت الجمعية في أمر ذمته لكنها احترمت عبقريته، ففي 4 يناير سنة 1791 اختارته رئيساً لها لدورة عادية مدتها أسبوعان، فأدهش الجميع بانضباطه الإداري وحياد قراراته· وكان يعمل طول النهار ويظل يأكل ويشرب طول المساء، وكان يرافق النساء· وفي 25 مارس استضاف راقصتين من الأوبرا، وفي صباح اليوم التالي أصيب بتقلص معوي حاد، وحضر اجتماع الجمعية في 27 من الشهر نفسه لكنه سرعان ما عاد إلى مقر إقامته منهكا يرتجف·
وانتشر خبر مرضه في باريس فتم إغلاق المسارح احتراما له وحاصر الناس منزله يسألون عن أحواله وتقدم شاب عارضا نقل دمه إليه وقال تاليران Talleyrand له (لميرابو): "إنه من الصعب الوصول إليك فنصف أهل باريس يقيمون بشكل دائم خارج باب منزلك". وفي 2 أبريل 1791 مات ميرابو بعد أن عانى في مرضه كثيراً·