كان رجل واحد وامرأة واحدة يمكنهما التشكك في بزوغ هذا الفجر الجديد· فبالنسبة للويس وزوجته الملكة بدا التوليري The Tuileries منزلاً زجاجياً ترصد من خلاله الجماهير كل حركة يأتيان بها بموافقة صامتة أو إدانة طال أمدها· وفي 31 أغسطس سنة 1790 تمرد فوج سويسري كان في خدمة الملك في نانسي Nancy بسبب تأخر الرواتب والمعاملة المتسمة بالاستبداد· وأطلق الحرس الوطني النار على بعض المتمردين وتم إرسال بعضهم إلى السفن، كما جرى شنق بعضهم· وتجمع أربعون ألف باريسي عند سماعهم بذلك وهددوا القصر الملكي واتهموا لافاييت ولاموا الملك بسبب ما أسموه "مذبحة نانسي" وطالبوه بإقالة وزرائه· وبهدوء غادر نكر Necker في 18 سبتمبر سنة 1790 ليعيش مع أسرته في كوبيت Coppet على ضفاف بحيرة جنيف، ونصح لافاييت الملك بتهدئة باريس بقبوله للدستور · وعلى أية حال فقد كانت الملكة مرتابة في مبدأ التخطيط لجعلها سلطة محركة للعرش، لذا فقد عبرت بوضوح عن بغضها بأن يترك البلاط ويترك لميرابو Mirabeau مهمة إنقاذ الملكية ·
ورحب ميرابو· وكان في حاجة إلى المال ليكفي أسلوب حياته المتسم بالإسراف· وشعر أن التضامن أو الائتلاف بين الملك والجمعية هو الخيار الوحيد لحكم يقوم عليه زعماء جماهيريون، ولم يكن يرى تناقضا في متابعة هذه السياسة وسد النقص (العجز) ثانية في موارده المالية· وكان قد كتب في 28 سبتمبر 1789 لصديقة لامارك La Marck:
" لقد ضاع كل شيء فسيتم إبعاد الملك والملكة وسترى الجماهير المنتصرة ترقص فوق جثتيهما" وكتب لصديقه هذا نفسه في 7 أكتوبر: "إن كان لك أي تأثير في الملك والملكة فلتحثهما على ترك باريس لأنهما إن لم يفعلا ضاعا وضاعت فرنسا· إنني مشغول بخطة لإبعادهما وقد رفض لويس هذه الخطة لكنه وافق على تمويل خطة ميرابو للدفاع عن الملكية"·
وفي أوائل شهر مايو سنة 1790 وافق على أن يدفع ديون المغامر الكبير بالسماح له بمبلغ ألف دولار في الشهر بالإضافة إلى مكافأة مقدارها 192,000 دولار إن هو نجح في إزالة الخلافات بين الملك والجمعية · وفي أغسطس منحته الملكة شرف اللقاء بها لقاء خاصا في حدائقها في سان كلود St. Cloud ·