لقد كان يبدو محصنا تماما ضد مفاتن النساء، فقد صرف طاقة الحب التي لدية لأخيه الأصغر أوغسطين صلى الله عليه وسلمugustin وسان ـ جوست Saint - just ولم يتهمه أحدٌ أبداً بأي انحراف جنسي، ولم يكن من الممكن إغواؤه برشوة مهما بلغ قدرها، وعندما عرض أحد الفنانين صورة شخصية لروبيسبير في سنة 1791 لم يكتب إزاءها سوى فقرة واحدة "غير قابل للرشوة The incorruptible " ولم يبد أن هناك من تجرأ على الاعتراض على ذلك· وكان روبيسبير يؤمن بأفكار مونتسكيو Montesquieu باعتبارها أساساً لازما لجمهورية ناجحة، فمن غير ناخبين لا يمكن شراء أصواتهم الانتخابية ومن غير موظفين لا يمكن رشوتهم تصبح الديمقراطية كذبا ورياء· وقد آمن روبيسبير كما آمن روسو بأن الإنسان خير بالطبيعة أو بتعبير آخر خلقه الله خيرا، بحيث يجب أن تكون "الإرادة العامة" هي قانون الدولة وأن أي معارض مصر على مواجهة الإرادة العامة يستحق بلا ريب الإدانة التي تفضي به إلى ساحة الإعدام· وكان روبيسبير متفقاً مع روسو في أن بعض أشكال المعتقدات الدينية لا بد منها لضمان السلام النفسي والانضباط الاجتماعي ولأمان الدولة وبقائها·
ولم يبد أنه بدأ يشك في اتفاقه التام مع الإرادة العامة "الإرادة الجماهيرية" إلا قرب نهاية حياته· لقد كانت نفسه أضعف من إرادته، وكانت معظم أفكاره مستقاة من قراءاته أو من الشعارات التي ملأت الجو الثوري المحيط· لقد مات في عمر باكر جدا مما لم يتح له فرصة سبر أغوار الحياة بعمق أو تحصيل قدر كبير من المعرفة التاريخية يتيح له أن يقارن بين أفكاره المجردة أو العامة وواقع الأمر من خلال تأمل محايد· لقد عانى بشدة مما حاق بنا من فشل عام، ولم يكن يستطيع أن ينأى بذاته بعيداً عن عينيه· لقد كان مقتنعاً بما يتفوه به مشوبا بالحماس والعاطفة· لقد كان على يقين خطر، وكان يصرخ عبثا بشكل يدعو للسخرية، قال عنه ميرابو Mirabeau: " هذا الرجل سيشتط كثيرا وسيذهب بعيدا· إنه مؤمن بكل كلمة يقولها" وكانت نهايته إلى المقصلة·