قصه الحضاره (صفحة 14642)

وتشير بعض المراجع التي كتبها فرنسيون إلى هجرة إسلامية إلى جنوب فرنسا بعد سقوط غرناطة، وأن هؤلاء المسلمين "تقية" منهم اعتنقوا المسيحية، لكن ها نحن نرى جيرونديين في الثورة الفرنسية يسعون إلى إغلاق نوادي القمار ويسعون لتحريم الميسر، وأصدرت الثورة بالفعل مرسوما بذلك، لكنه سرعان ما أصبح حبرا على ورق· وعن هذه الهجرة الإسلامية الباكرة إلى فرنسا نقرأ:

"·· وكانت الهجرة الرابعة التي نحن بصدد الحديث عنها على شكل موجة جماعية هامة العدد نتجت عن طرد العرب المسلمين والأسبان المسلمين من إسبانيا· يبدو أن هؤلاء كانوا قد تحولوا إلى المسيحية منذ قرنين خشية العذاب والتنكيل والقمع، ولكنهم استمروا على دينهم الإسلامي بسرية اعتماداً على مبدأ التقية "·

علم ملك اسبانيا، فيليب الثالث، أن هؤلاء يمارسون الدين الإسلامي بسرية، وأنهم يحتفلون بالأعياد الإسلامية· وفي العاشر من كانون الثاني/يناير 1610، أصدر مرسوماً ملكياً يمنحهم مهلة 30 يوماً، ثم خفضها إلى 20، لمغادرة إسبانيا· هاجر خمس مئة ألف منهم إلى بلاد المغرب العربي، وشغلوا بصورة فورية مناصب هامة، ذلك لأنهم شكلوا، بسبب ثقافتهم ومعرفتهم تياراً جديداً في البرجوازية المحلية· وتوجه مئة وخمسون ألفاً نحو الشمال، إلى فرنسا· عاد ثلاثون ألفاً منهم، فقط، إلى بلاد المغرب العربي أو إيطاليا عن طريق البحر، وكان هؤلاء من الأغنياء الذين يملكون نفقات السفر· أما الباقون، مئة وعشرين ألفاً، فقد استقروا في الجنوب الفرنسي· توجد الكثير من المخطوطات التي تتحدث عن هذه الحلقة من التاريخ الإسلامي، الفرنسي· كتب الماركيز فوسل إلى ملك فرنسا: " يعلم جلالتكم أن جميع لاجئي إسبانيا المسلمين قد عبروا الحدود، يصل عددهم إلى مئة وثلاثة وثلاثين ألفاً"·

وفي مذكرة أرسلها الماركيز فيزيو إلى الملك، نستطيع أن نقرأ: "اليوم،28 كانون الأول/ديسمبر 1610، وصلتني رسالة من الماركيز دوسان جيرمان الذي يبحث عن وسائل لنقل عدد المسلمين الأندلسيين الذين يتمنون اللجوء إلى فرنسا"· وفوراً، أصدر الملك أوامره باستقبال هؤلاء القادمين، كلاجئين وليس كغزاة، استقبالاً حسناً···"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015