قصه الحضاره (صفحة 14641)

والعالم لا باّس عندما ألّف بحثا عن نظام الكون سأله نابليون: من فعل كل هذا؟ وهو سؤال يعني أنه لا بد من فاعل، فالكلمة atheist وإن كانت تعني الملحد حرفيا أي غير المؤمن بوجود إله إلا أنها في حاجة إلى عبارة شارحة في كل جملة ترد فيها· وفي هذه العجالة نورد نبذه عن أثر الإسلام في العقيدة المسيحية الأوروبية:

ثم إن انتشار روح عصر التنوير في أوروبا راح يطرد شبح الأحكام السلبية، المسبقة والجذرية المرتكزة على كليشيهات الدفاعات الدينية المبتورة والباترة· فقد أصبح الدين الإسلامي بالنسبة للفلاسفة عمل مشرع فطن· ويمكن للإسلام أن يقارن نفسه بالمسيحية دون أي عقدة نقص· على العكس· فهو يتميز على المسيحية بأنه يلجأ أقل منها إلى عالم الأسرار والعجيب الخلاب· كما ويتميز بأنه يعترف بالعقائد الأخرى ومشروعيتها· ولكنه على الرغم من كل ذلك مطبوع بطابع التعصب كبقية الأديان· وفولتير، بعد أن جعل من مؤسس الإسلام المثال النموذجي على الرجل الدنيوي الذي استغل بساطة معاصرية (انظر مأساة، محمد 1741) · راح يقارن بين تسامح المسلمين وتعصب المسيحيين· (انظر كتابه مقالة في الأخلاق 1756) وهو بذلك يضرب أكبر مثل على الغموض والازدواجية فيما يخص الموقف من الإسلام· وبعد صدور كتاب مونتسكيو"روح القوانين" (1748) صورت الدولة التركية على أساس أنها تُجَسِّد نموذج الاستبداد بالذات· وأما فيما يخص رجال الممارسة والانخراط فإنهم لا يهتمون بالطبع كثيراً بعملية الفهم بقدر ما يهتمون بمعرفة المصادر المادية ونقاط القوة والضعف لهذه البلاد· فهي لا تبدو مواضيع للمعرفة بقدر ما تبدو مصدراً محتملاً للفائدة والقوة· ثم تبدو كأرض للمغامرة· وهنا نلتقي بذلك الجزء من الحلم الذي طالما هيمن على روح بونابرت شاباً···.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015