قصه الحضاره (صفحة 14640)

أبقي بعد هذا شك في أن أوروبا في مطلع العصور الحديثة لا بد أن تكون تأثرت بالفكر الإسلامي، أو على الأقل اطلعت عليه، بشكل أكثر وضوحاً؟ فقد غدا الإسلام بالنسبة لأوروبا بعد سقوط القسطنطينية وتمركز المسلمين في شرق أوربا، أقرب إليها من حبل الوريد، كما أن طبيعة العصر أتاحت لأكبر عدد ممكن من الباحثين والمثقفين، بل والناس العاديين، معرفة أمور عن الإسلام، ما كانت لتتاح لهم معرفتها قبل ذلك· كل هذا يجعلنا لا نستبعد وجود تأثيرات إسلامية على الحركات الإصلاحية الدينية الأوروبية عامة، والحركة الأوروبية المناهضة للتثليث خاصة·

بقي القول إن أحد الباحثين العرب المتخصصين في تاريخ أوروبا الحديث قد أشار إلى: "وجوب أن يكتب التاريخ الأوروبي الحديث من وجهة نظر إسلامية عربية تماما كما يكتب الأوروبيون تاريخنا الإسلامي من وجهة نظرهم· فمن غير المنطقي أن نسمي بالهرطقة ما يسمونه هرطقة ففي هذا تبعية، وبعد عن الأصالة· ولو أخذنا بهذا المنطق، لباركنا حركة الاستعمار لأنهم يباركونها، ولأسمينا المسلمين الأوروبيين كفرة· لأنهم يسمونهم كذلك"، فهذا البحث رغم تواضعه دعوة للأصالة في كتابة التاريخ ·

وفولتير، الذي وصفه لويس السادس عشر بأنه زعيم الهراطقة، ونسبت إليه الثورة الفرنسية لفرط تأثرها به، كان يؤمن بوجود الله سبحانه، لكنه لم يكن مقتنعاً بالكنيسة:·

وحين اقتنع باني لست ادري ما أنا، ولا استطيع أن اعرف من خالقي، أجد جهلي يضنيني، واسلي نفسي إذ أفكر، دون انقطاع، بأنه لا يهمني أن اعرف ما إذا كان خالقي موجوداً في المتسع أم لا، إذا إنا لم افعل شيئاً يناقض الوجدان الذي منحني إياه· وإذا سئلت: من بين جميع الأنظمة الإلهية التي اخترعها الإنسان، أيها سأعتنق؟ أجبت: لن اعتنق أياً منها، بل سأعبد الله.

ألأنه لا يؤمن بالتثليث أسميه مهرطقا؟! إنه مهرطق من وجهة نظر كاتب لا يؤمن بأفكاره، فما دخلي أنا؟ ولم أجعل القارئ العربي يفهم أن الرجل لا يؤمن بالله؟ ·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015