قصه الحضاره (صفحة 14091)

بين سلسة متعاقبة من البكرات تجذب وتمد الألياف فتجعلها خيطاً أكثر إحكاماً وصلابة. وحوالي عام 1774 جمع صموئيل كرومتن بين مغزل هارجريفز وبكرات آركرايت في آلة هجين لقبها ظرفاء الإنجليز "بلغة كرومتن": فكانت حركة المغازل المتعاقبة إلى الخلف وإلى الأمام بالتناوب تمد الخيط وتفتله وتلفه فتجعله أرفع وأقوى؛ وقد ظلت هذه الطريقة إلى وقتنا هذا المبدأ الذي تقوم عليه أعقد آلات الغزل والنسيج. وكانت المغزلة القديمة (الجني) والإطار المائي يصنعان من الخشب، أما البقية فقد استخدمت البكرات والعجلات المعدنية بعد 1783، وأصبحت من المتانة بحيث تحتمل سرعة التشغيل الآلي وضغطه.

وكانت الأنوال الآلية التي بالكرانك والأثقال تستعمل من قبل في ألمانيا وفرنسا، ولكن حدث في 1787 أن شيد إدموند كارترايت في دونكاستر مصنعاً صغيراً شغل فيه عشرون نولاً بقوة الحيوان المحركة. وفي 1789 استبدل بهذا المحرك آلة بخارية. وبعد عامين اشترك مع بعض أصدقاء من مانشستر في إنشاء كبير يدار فيه أربعمائة نول بالبخار. وهنا أيضاً ثار العمال، فأحرقوا المصنع وسووه بالأرض وهددوا بقتل مؤسسيه. وبنيت في العقد التالي أنوال آلية كثيرة، وحطم المشاغبون بعضها ونجا بعضها وتكاثر، وانتصرت الآلات.

وكان مما أعان إنجلترا على الصناعة توافر القوة المائية المتولدة في أنهار كثيرة يغذيها المطر الغزير. فأقيمت الطواحين والمصانع في القرن الثامن عشر في الريف أكثر مما أقيمت في المدن على أنهار يمكن بناء سدود عليها تحدث مساقط للمياه لها من القوة ما يكفي لإدارة عجلات كبير. هنا قد يتساءل شاعر ألم يكن من الخير لم يحل البخار قط محل الماء قوة محركة، وان تختلط الصناعة بالزراعة في الريف بدلاً من أن تحشد في المدن. ولكن وسيلة الإنتاج الأكثر فاعلية وربحاً تزيح الوسيلة الأقل، وقد وعدت الآلة البخارية (التي تألقت هي أيضاً-إلى وقت قريب-بوهج رومانسي) بأن تنتج أو تنقل من السلع والذهب أكثر مما شهد العالم في أي زمان مضى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015