"بعد قضاء أبهج أمسية يمكن تصورها (82) " ألف قطعة أقرب ما تكون إلى موسيقى فاجنر في إيذانها بالعناصر التراجيدية والكوميدية للتمثيلية. ووصلت نوتة الافتتاحية إلى الأوركسترا بالضبط في الوقت المحدد للأداء (83). كتبت جريدة فيينا تسايتونج تقول "مثلت اليوم الاثنين أوبرا الموسيقار موتسارت "دون جوفاني" التي طال انتظارها ..... ويجمع الموسيقيون وأهب الخبرة على أن مثل هذا العرض لم يرَ في براغ قط من قبل. وقاد الهر موتسارت بشخصه الموسيقيين، وكان ظهوره في الأوركسترا إيذاناً بترديد الهتاف الذي تكرر عند خروجه (84) ".
وفي 12 نوفمبر عاد الزوجان السعيدان إلى فيينا. وبعد ثلاثة أيام مات جلوك، وعين يوزف الثاني موتسارت ليخلفه رئيس موسيقيي الحجرة للبلاط. وبعد معاناة شديدة مع المغنين أخرجت "دون جوفاني" بفيينا في 17 مايو 1788 دون أن تلقى استحساناَ يذكر. وأدخل موتسارت وبونتي عليها المزيد من التغيير والتبديل، ولكن الأوبرا لم تحظَ قط في فيينا بالنجاح الذي حظيت به في براغ ومانهايم وهامبورج. وشكا ناقد برليني فقال أن "التمثيلية الهازلة" عدوان على الفضيلة. ولكنه أردف "إن كان لأمة من الأمم أن تفخر بأحد أبنائها، فإن لألمانيا أن تفخر بموتسارت مؤلف هذه الأوبرا (85) ". وبعد تسع سنوات كتب جوته إلى شيلر "إن آمالك التي ترجوها للأوبرا تحققت بوفرة في دون جوفاني (86) " وتحسر أن موتسارت لم يعش ليكتب موسيقى فاوست.
1788 - 1790
لم تلبث حصيلة دون جوفاني أن نفذت، ولم يكفِ راتب موتسارت المتواضع لشراء الطعام إلى بالجهد. وقبل إعطاء التلاميذ دروساً خصوصية ولكن التدريس كان عملاً مرهقاً مضيعاً للوقت. وعليه فقد انتقل إلى مسكن أرخص في ضاحية فيرنجر شتراسي. ومع ذلك تكاثرت عليه الديون. فاقترض أينما استطاع-خصوصاً من تاجر كريم وأخ في الماسونية يدعى