قصه الحضاره (صفحة 12531)

"فإذا تأملنا الحقب الصغيرة من الأزمنة التي حدث فيها الكثير من التغيرات سالفة الذكر، أيكون من الجرأة المسرفة أن نتصور-في الزمن السحيق الذي انقض منذ بدأت الأرض، ربما قبل بدء تاريخ الإنسان بملايين السنين- أن جميع الحيوانات ذوات الدم الحار نشأت من لقاح خبيط حي واحد، وهبته العلة العظمى الأولى ميزة الحيوانية، والقدرة على اكتساب أعضاء جديدة، تلازمها ميول جديدة، وتوجهها الانفعالات، والأحاسيس والإرادات، والارتباطات، فتملك بذلك قوة مواصلة التحسن بنشاطها الفطري الخاص، وتوريث تلك التحسينات لذراريها إلى آخر الدهر" (130)؟

كتب تشارلز داروين يقول "عجيب كيف سبق جدي ... نظرات لامارك والأسس الخاطئة لآرائه، في كتابة زونوميا" (131). ولعل الجد لا يرضي بالتسليم بأنه كان سائراً على الطريق الخطأ. وهو على أية حال بسط نظرية لم تمت بعد، وبطريقته اللطيفة أسهم بضربة في الدفاع عن فكرة التطور.

جـ - علم النفس

ومضى البحث العلمي قدماً من المعادن إلى النباتات إلى الحيوانات إلى الإنسان. وراحت رابطة متزايدة من الدارسين تتفحص جسم الإنسان وقد تسلحت بالمجهر وحفزتها حاجات الأطباء، فوجدت أعضاءه ووظائفه شبيهة شبهاً لا خلاف عليه بأعضاء الحيوانات الراقية ووظائفها. ولكن بدا أنه لا يزال هناك انفصال في سلسلة الكائنات. وأجمع الناس كلهم تقريباً على أن ذهن الإنسان يختلف عن ذهن الحيوان في النوع وفي الدرجة معاً.

وفي 1749 اقتحم قسيس إنجليزي، تحول إلى احتراف الطب، يدعى ديفد هارتلي، هذه الفجوة بتأسيسه علم النفس الفسيولوجي. وكان يجمع النباتات طوال ستة عشر عاماً (1730 - 46) ثم نشر في 1749 كتابه "ملاحظات حول الإنسان": ولما كان يطمع في إيجاد مبدأ يحكم العلاقات بين الأفكار كما اقترح نيوتن مبدأ الأجسام، فقد طبق ترابط الأفكار على تفسير العاطفة، والعقل، والحركة، والحس الخلقي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015