قصه الحضاره (صفحة 12525)

تلقائياً في السائل. وأعجبت الحجة بوفون، ولكن في 1765 كرر أستاذ في جامعة مودينا يدعى سباللانزانى تجارب نيدام وخرج منها بنتيجة عكسية. فقد وجد أن غلي شراب دقيقتين لم يقضي على كل الجراثيم، أما غليه خمساً وخمسين دقيقة قد قضى عليها، وفي هذه الحالة لم تظهر أي كائنات حية. ومضى الجدل حتى بدا أن شفان وباستير قد أنهياه في القرن التاسع عشر.

كذلك أحاطت بعمليات التناسل أسرار لا تقل عن هذا السر إثارة للحيرة. فقد حار جيمس لوجان، وشارل بونيه، وكاسبار فولف، في دوري عنصري الذكر والأنثى في التناسل، وتساءلوا كيف يمكن أن يحتوي العنصران المتحدان في ذاتيهما -كما يبدو أنهما يفعلان- التحديد المحتوم لجميع الأجزاء والهياكل في الكائن الناضج. واقترح بونيه نظرية مغرقة في الخيال سماها emboitement ( التكييس)، فالأنثى تحوي جراثيم أطفالها جميعاً، وهذه الجراثيم تحوي جراثيم الحفدة، وهكذا دواليك حتى يتمرد الخيال. ولا عجب فالعلم هو أيضاً يستطيع الانحراف إلى الخرافة. أما فولف، الذي يزين اسمه الفنوات الفولفية، فقد دافع عن نظرية هارفي في التوالد الخارجي epigenesis: فكل جنين يخلق من جديد بواسطة العناصر الأبوية. وسبق فولف نظرية تكوين الأعضاء التي قال بها فون باير في واضع الجراثيم، بكتابة "في تكوين الأحشاء". (1768)، الذي وصفه فون بابر بأنه "أعظم ما نملك من روائع الملاحظة العملية" (117).

وهل تجدد النسيج نوع من التناسل؟ لقد أدهش العالم الجنيفي إبراهام ترميلي العلمي في 1744 بتجارب كشفت عن إصرار "كثير الأرجل Polyp" الذي يعيش في الماء العذب على التجدد، فقد قطع واحداً منها إلى شطائر طولية أربعة، نما كل منها إلى كائن سوى كامل. وتردد هل يسمى كثير الأرجل هذا نباتاً أم حيواناً؛ فقد بدا له جذوراً كالنبات، ولكنه ينهش الطعام ويهضمه كما يفعل الحيوان؛ وهلل المتكهنون له باعتباره همزة الوصل بين عالمي النبات والحيوان في "سلسلة الوجود العظمى" (118) أما ترمبلي فقد انتهى إلى أنه حيوان، وهو رأى البيولوجيين فيه اليوم. وقد أطلق عليه ريامور لفظ " Polyp" أو كثير الأرجل بسبب قرون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015