والسيادة، نزولاً عند إرادة الرجل الذي أحبت ورجاء أن يحمل هذا الوليد اسم أبيه الكبير.
وتكامل مثلما يتكامل القمر في أوائل الشهر فلم يلبث أن صار بدراً في كل عين، ونما مثلما ينمو الغصن الغض في خمائل الروض، يرتفع في الربيع ليدرك نيسان ويستمتع بجماله ويزينه بورده، فلم يلبث أن ملأ بعطره كل أنف. ويتزايد كأنه أغنية محب بدأها همساً في جوف الليل ثم استطال بها صوته حتى ملأ الفضاء، فلم تلبث أن صارت على كل لسان. ويقوى كأنه الحب ينبثق في القلب، فلم يلبث أن صار حباً مستقراً في كل قلب.
كذلك أصبح هذا الغلام.
كان ملء العيون والأفئدة، تمر السنون فلا تزيده إلا ذكاءً ونبوغاً. وكان سعيداً ينعم بحب أمه ومالها، ولكن أمراً واحداً كان ينغص عليه هذه السعادة ويؤلمه أشد الألم؛ ذلك أنه لا يعرف من هو أبوه. وكثيراً ما سأل أمه وأطال عليها المسألة ولوّن لها الأساليب، فكان يمنعها من أن تخبره إرادة أبيه، فتظل معتصمة بالصمت. وكثيراً ما أمضى الساعات ساهماً واجماً يفكر فلا يهتدي.
فأزمع أن يكون بفعاله أباً لنفسه، وأن ينزل من هذه الجبال فيغامر في الشرف المروم.
* * *
ظل ذلك السيد القرشي يفكر في الفتاة ويصلها بالمال،