ويلقي في أذنه ذلك الاسم الكبير، فتسقط يد بكر على جنبه، ويعتذر لهذا السيد، ثم يخرج يائساً يفتش خلال البيوت عن بنت أخرى تبيعه اللذة. ويأخذ هذا السيد بيد الفتاة إلى دارها التي أعدها لها.

وانعقد الرباط بين قلبيهما الحبيبين، فأصبحت هي حياته لا يعرف الحياة إلا ساعة يكون معها، واختُصرت دنياه كلها فكانت نظرة واحدة في عينها، وملأت نفسه هذه الفتاة التي ظهرت له فجأة كما تظهر الشمس من وراء الجبل فتملأ الوادي نوراً وحياة.

لقد نسي هذا السيد المجد الذي ينتظره في مكة، والمعركة الكبرى التي ترقب فيه قائدها ومديرها.

ذلك هو الحب، أقوى كائن وأعظم مخلوق.

يستطيع الحب أن يمحو من النفس صورة المجد والجاه، والفضيلة والرذيلة، والطموح والحسد، ولكن لا يمحوه شيء. الحب أحجية الوجود. ليس في الناس من لم يعرف الحب، وليس فيهم من عرف ما هو الحب. الحب مشكلة العقل التي لا تحل، ولكنه حقيقة القلب الكبرى.

الحب أضعف مخلوق وأقواه، يختبئ في النظرة الخاطفة من العين الفاتنة، وفي الرجفة الخفيفة من الأغنية الشجية، وفي البسمة المومضة من الثغر الجميل ... ثم يظهر للوجود عظيماً جباراً فيبني الحياة ويهدمها، ويقيم العروش ويثلّها، ويفعل في الدنيا الأفاعيل.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015