فتفهم أن الخلاف عليها، على شرفها وعفافها، ويعود إليها ذهنها فتذكر الماضي كله، وتدرك أنها فقدت زوجها وحاميها، ويشد الغضب من عزمها فتقول لهما: ويحكم، أهذه هي مروءتكم وإنسانيتكم؟ أهذا هو دينكم يا أهل أوربة؟
فيضحكان ويقهقهان، فيشتد بها الغضب وتصرخ بهما: بأي لسان أخاطبكم؟ بلسان الدين وأنا أراكم ملحدين كافرين؟ بلسان الإنسانية وما أنتم إلا وحوش في جلد بني آدم؟ بلسان المروءة وقد فقدتموها ونسيتم حدودها؟ ويلكم، لا تستحيون أن يكون هؤلاء المسلمون أشفق على نسائكم وأحفظ لشرفكم منكم، وأن يكونوا أنبل وأفضل لوصايا السيد المسيح؟ لا والله؛ لستم للمسيح ولا لمحمد، أنتم للشيطان! أولئك هم الذين جمعوا المسيح ومحمداً، أولئك أهل الفضائل أرباب الأمجاد، خلاصة الإنسانية. إنكم لن تغلبوهم، لن تأخذوا أرضكم المقدسة من أيديهم أبداً. كلا؛ إنهم أحق بها لأنهم أوفى منكم لمبادئ المسيح، إنهم أعرق منكم في الإنسانية. إن المستقبل لهم، إن لهم المجد والظفر ولكم أنتم اللعنة، لكم الخيبة والخزي.
فلا تجد منهما إلا إيغالاً في الضحك، وتتلفت حولها فلا تجد ناصراً. وأين المعين على الحق المدافع عن الشرف في بلد ليس فيه مسلم؟
وتراهما قد أقبلا عليها بعيون محمرّة، فيجن جنونها، فتلقي بولدها في اليم وترمي بنفسها.
وكان البحر ساكناً فصعدت من الماء فقاعتان، فيهما اللعنة