زخرفها وعشش فيها البلى ... هناك علموا أنها قد وقعت الواقعة وكان ما قدر الله أن يكون:
عرينةٌ دخلَتْها النائباتُ على ... أسَاوِدٍ لهُمُ فيها وآسَادِ
وكعبةٌ كانت الآمالُ تعمُرُها ... فاليومَ لا عاكِفٌ فيها ولا بادي
فمن للعفاة تعمهم جدواه؟ من للجيران تحميهم بواتره وتحييهم عطاياه؟ من للفرسان الغطاريف يقودهم إلى النصر حين يخفى على الدليل سبيل النصر؟
لقد ذهب من كان لهم، فيا من يقصد الملك الشاعر! إنه لم يبقَ هنا ملك؛ إنها قد خلت منه داره وبَعُدَ مزاره:
يا ضيفُ أقفَرَ بيتُ المَكرُماتِ فخُذْ ... في ضَمّ رَحْلِكَ واجمَعْ فضلةَ الزادِ
ويا مُؤمِّل واديهم ليَسْكُنَه ... خفّ القطينُ وجفّ الزرعُ في الوادي
وأنت يا فارسَ الخيل التي جعلت ... تختَالُ في عدد منها وأعداد
ألقِ السلاحَ وخلِّ المشرَفيّ فقد ... أصبحتَ في لهَوَاتِ الضيغَمِ العادي
* * *
ضلت سبيلُ النّدى يا ابنَ السّبيلِ فسِرْ ... لغيرِ قصدٍ فما يهديك من هادي
كذلك ذهب الملك الشاعر البطل، الذي كان في ملوكيته وفنه ونبله تمثالاً للإنسان الذي كانت تتمنى كل حامل في الأندلس أن تلده، ويتمنى كل ناشئ متطلع إلى العلا أن يكونه.
الملك، الذي كان زمانه كله فجراً رخياً ناعماً، وأيامه كلها ربيعاً بهياً باسماً.