قصص من التاريخ (صفحة 176)

- نريد أن نعرف من أنت. إنا لنظنك عيناً للعدو، فمن أين أتيت؟

- أتيت من أعالي هذه الجبال أريد الشام، فضللت ونفد زادي وصهرت دماغي شمسُ الأمس، فعدت أركض على غير هدى حتى انتهيت إلى هذا المكان ... ولست عدواً لأحد.

- وما اسمك؟

- اسمي كليب، من آل أبي عقيل. وأريد الشام، فهل تمنّون علي فتحملوني معكم؟ هذه هي دراهمي.

ويفرغ كيسه على الرمل، فتتكوم الدارهم والدنانير تنعكس عليها أشعة الشمس فيخطف بريقها البصر.

- وفر عليك دراهمك؛ إنّا لا نرزؤك شيئاً. أنت في حمى هذا السيد، فاركب جملك راشداً.

ويطغى الفرح على نفس المعلم الشاب حين يقدمون إليه هذا الجمل القوي البازل، وينسيه أن يسأل عن هذا السيد الذي أصبح في حماه، وأن يشكره. ويعلو متن الجمل ببراعة الأعرابي وخفة الشاب الجبلي، ويسير به الجمل وهو يقلب بصره في هذه القافلة العظيمة، فلا يستطيع أن يدرك به آخرها أو يحيط بها، ويأخذه العجب حين يرى مِن حوله مدينة كاملة (برجالها ونسائها وبيوتها وحاجاتها وجندها وحماتها) تنتقل تحت عين الشمس.

ثم يشرع الحادي بأغنيته فيصغي إليها كليب حالماً مأخوذاً.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015