قصص من التاريخ (صفحة 175)

فإذا هو مسحور، قد بلغ منه السحر أن حجب عن عينيه هذه الظلمة الثقيلة التي كان يغيب في أثنائها وطمس أضواء القافلة الكليلة التي كانت تتراقص أمام عينيه، وبدّل كل شيء في لحظة واحدة ... فإذا الدنيا ممتلئة إشراقاً وضياءً، وإذا هو قد انتقل من الصحراء الجرداء إلى دنيا تَمورُ بالأحياء وتموج بالناس، فيبالغ في فتح عينيه وقد كاد يجن لفرط الدهشة ... ولا يشك أن هؤلاء الذي يرى طائفة من الجن. ثم يعود إليه وعيه ويصحو من نومه، فيتلو قول الله تعالى: {يراكُم هُوَ وَقَبيلُهُ مِن حَيثُ لا تَرَوْنَهُمْ}، فيعلم أن ليس هؤلاء جناً لأن الجن لا يمكن أن يراهم بشر، ولكنه لا يزال على شكه. أين هو؟ وما هذا الذي يرى؟ فيقول لمن كان يوقظه: أسألك بالذي تحلف به إلا ما أخبرتني أين أنا؟

- أين أنت؟ أنت في هذه البادية!

- في هذه البادية؟ وما هذه الـ ...

- ويلك يا رجل! لقد حبست القافلة.

- اسقوني شربة ماء.

فيمضي الرجل ليأتي بالماء، ويحدث كليب نفسه: إذن، فأنا قد نمت إلى الصباح.

- خذ واشرب.

- الحمد لله. أشكركم.

- لقد حبست القافلة.

- وماذا تريدون مني؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015