يطلع لها صبح، فأين - يا تبصر (?) - مكانها من الوجود؟ أفَنِيَتْ وعادت عدماً؟ لا، إن الفناء لا يقوى عليها. إنها موجودة في الكون كوجودها في ذاكرتها. إن الفناء لا يدرك حقيقتها كما أن النسيان لا يقوى على محو صورها. إنها لا تشبع من الإيغال في هذا الماضي لأنها كلما أوغلت فيه جَدّتْ لها طرق ظليلة لا عهد لها بها، قد أزهر فيها المجد وبدا السنا، ورُبىً على كل رابية فراش غرام مرشوش بالعطر والشعر، ووجوه أحبة كانت تعيش بهم ولهم.
ولطالما اجتوَت (?) (من محبتها هذا الماضي) حاضرَها فخامرتها فكرة الموت، فمشت تقصد النهر، حتى إذا أدنتها خطاها الواهنة من مياهه ورأتها تلمع كالمرآة أشفقت من الموت وهابته وارتدت عنه للمرة الخامسة بعد الألف. إنها لا تريد أن تموت ولا تزال متعلقة بحياة قد أقفرت من المجد والحب!
* * *
ولما دلفت إلى مخدعها في الدير سمعت ضجة، وقالوا لها إنه الأمير، المغيرة بن شعبة، يستأذن عليك.
الأمير؟ ما لها وللأمير؟ ما شأنه بها؟ ما يبتغي لديها؟ أما