[إذا زرتم دمشق، فسلكتم السوق الصغير قبلي المسجد، المسمى بسوق القباقبية، فاسألوا عن «المصبغة الخضراء» (وهي تحت الأرض في زقاق ضيق)، فقفوا عليها ساعة ... فثمة كانت سرة الأرض، وقصبة الدنيا: الدار الخضراء، دار الخلافة الأموية.]
نحن في دمشق، في يوم الجمعة التاسع من صفر سنة تسع وتسعين للهجرة، والبلدة خالية الطرق، مغلقة الحوانيت، لا تكاد ترى فيها أحداً؛ لأن الناس قد اجتمعوا حول قصر الخلافة، وفي الساحات المطيفة به، وفي الدروب المؤدية إليه. وكان صحن القصر مزدحماً بالرؤساء والوجوه، أما الأمراء وكبار القواد وجلة الخواص فقد احتلوا «المجالس» والأبهاء، وعلى وجوههم جميعاً أمارات الترقب والانتظار في شيء من الخشية والجزع، ذلك لأن أمير المؤمنين سليمان بن عبد الملك قد فَجَأهُ المرض واشتد عليه، وأُشيع أنه مشرف على الموت. وكان عنده مستشاره، رجاء بن حيوة، منفرداً به.