قصص من التاريخ (صفحة 120)

وذكرت أن قوّاد المسلمين الذين دوّخوا العالم وأخضعوا الممالك وملكوا الأرض لم يملكوها بقوتهم وعددهم، وإنما ملكوها بإيمانهم والتجائهم إلى الله. ورأيت السلطان قد وقف حياته على الجهاد في سبيل الله، وباع نفسه من الله، ولم يقصر في فريضة، ولم يهمل نافلة، بل كان ينزل حيثما أدركته الصلاة فيصلي، ويسمع الحديث بين الصفين، ولم يُعرف عنه (بعد السلطنة) ميل إلى دنيا أو حرص على لذة من لذائذ العيش، فأيقنت أن دعاءه لا يُرَد، وأنه هو الوليّ إن عد الناسُ الأولياء، وهو التقي إن ذكروا الأتقياء، فقلت له: وقع لي واقع وأظنه مفيداً إن شاء الله. قال: وما هو؟ قلت: الإخلاد إلى الله، والإنابة إليه، والاعتماد في كشف الغمة عليه.

قال: وكيف نصنع؟ قلت: اليوم الجمعة، يغتسل المولى ويصلي ويتصدق بصدقة خفية على يد من يثق به ويدعو الله وهو ساجد فيقول: "إلهي، قد انقطعت أسبابي الأرضية في نصرة دينك، ولم يبق إلا الإخلاد إليك، والاعتصام بحبلك، والاعتماد على فضلك؛ أنت حسبي ونعم الوكيل".

وإن الله أكرم من أن يخيب من يلتجئ إليه!

* * *

وقطع القاضي حديثه ونظر إلى تلك المرأة التي أقبلت تريد السلطان، وهي سافرة تصيح بلسان قومها وتعول باكية تشير إشارات الفزع المروع، فأقبل عليها يسألها ما خطبها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015