تضع خدها على خده وهي تهمس باسم لويس، كأنما تذكر به مولد الحب وقبلاته الأولى.
* * *
وهجعت هيلانة وصاحبتها، وانطفأ هذا النور الكليل الذي كان ينبعث من الخيمة، ومرت من الليل ساعات.
وكان معسكر المسلمين صامتاً مظلماً لا يُرى في خلاله إلا النور الذي يسطع من خيمة السلطان، وكان الجند نائمين يستريحون من عناء النهار الماضي الذي خاضوا فيه حرباً من أشد ما عرفوا من الحروب، وبذلوا جهد الجن حتى استطاعوا أن يشقّوا الطريق إلى عكا المحصورة. وكان المدد يتتالى على جيش العدو من البحر، وكاد يجزع المسلمون عندما رأوا الإمداد، ولكن منظر السلطان ثبّتهم، فقد كان ينظر إلى المراكب تحمل الصليبيين إلى البر فلا يثنيه مرآها ولا يُدخل الروع إلى قلبه، بل كان يراها مستبشراً متفائلاً مؤمناً بنصر الله. ولقد خبّر القاضي ابن شداد (رفيق السلطان) الجندَ وقص عليهم أن السلطان عد بنفسه من العصر إلى الليل سبعين مركباً نزلت إلى البر تنقل المدد والذخيرة، فما ضعف ولا اضطرب، ولا تغير اعتقاده بالله الذي يؤمن بأن النصر من عنده. وكان السلطان أشد القوم تعباً لأنه كان يباشر أمور الحرب بنفسه وينتقل خلال المعركة ويعرّض روحه للمهالك، ثم يبيت الليل ساهراً يدبر أمور المسلمين، لا يبالي راحته ولا صحته في سبيل إعلاء كلمة الله.
* * *