وصدقت هيلانة وزوجها ما قالوا لهما من أن المسلمين أكَلة لحم البشر، وأنهم ذئاب الإنسانية، وأنهم عَدَوا على المسيح ... ونهضا يدفعهما الإيمان الذي عبث به العابثون واستغلوه وأوقعوا في أبناء آدم هذه المذبحة المروعة، فأخذا الطفل الوليد وسارا مع الجموع، نحو بيت المقدس.
وعاودتها ذكرى زوجها الحبيب فانفجرت باكية، فأيقظ صوتُها صاحبتَها فخرجت تراها.
- مالك يا هيلين؟ لماذا تبكين؟ لِمَ لَمْ تنامي؟
فلم تجب واستمرت تبكي، فعادت ترفه عنها وتواسيها: ماذا عراك يا هيلانة؟ أجيبي، كلميني، لا تقتلي نفسك بسكوتك.
- لويس!
وخرج اسمه زفرة متصعدة من أعماق القلب، غارقة بالدمع، وعادت تبكي.
- اصبري يا أختاه؛ إنه في السماء. ثم إن عندك لويس الصغير، ألا تسمعين كيف يبكي؟ إنه ابنه يا هيلين، ابن الحبيب، فعيشي من أجله. أريه ألوان السرور والمرح تسعد بذلك روح لويس. هاكِ الطفل يا هيلانة، ألا ترين أن بكاءك يؤلمه؟
فأخذت هيلانة الطفل، تضمه إلى صدرها وهي مغمضة العينين، وتقبله في عنقه الدافئ، وتمرغ وجهها في صدره، ثم