قصص من التاريخ (صفحة 106)

وكان الكاهن ينظر إلى عالمه الذي طالما أحبه وآثره فيراه عالماً ضيقاً مقفراً، وينظر إلى دنيا الإسلام فإذا هي خصبة واسعة مزهرة بالخير والعدل والجمال. وما عالمه؟ فجوة معتمة وسط الصخر الأصمّ لا يبلغها شعاع الشمس ولا ضياء القمر، ولا زهر الربيع ولا جمال المجد ولا جلال الإيمان.

وسطع النور في قلبه فرأى أن ديانته كهذا المعبد، فأين هذا المعبد من معبد الإسلام، وهو الأرض الطهور التي تمتد حتى تصل إلى بلاد ما سمع بها؟ أين ضيقه من سعتها؟ أين ظلمته من نورها؟ أين سقفه الواطي من سمائها العالية؟

إنه ألحد في دينه وخرج من المعبد (وقد حُرِّم عليه الخروج منه)، فلن يعود إليه أبداً. أيعود الجنين إلى بطن أمه بعدما رأى بياض النهار ورحب الكون؟ أيعبد مرة ثانية تلك الآلهة ذوات الوجه البشع المخيف بعدما عرف رب الأرباب وخالق كل شيء؟

لا. لقد ماتت ديانة المعبد ومرت أيامها، فهل لما مر مآب؟ هل يعود أمس الغابر؟

ومرّت ساعات، وإذا الجو يموج بصليل الأبواق ويرتجف من إرعاد الطبول، ونظر فإذا الرايات تلوح على حواشي الأفق القريب، فسأل: ما هذا؟

قالوا: لقد نُفِّذ الحكم وانسحب الجيش.

هذا الجيش الذي لم يقف في وجهه شيء من مدينة يثرب إلى سمرقند، والذي اكتسح جيوش كسرى وقيصر وخاقان، ردته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015