قلت هكذا هو في كتاب مسلم، وهو حديث ليس بمتصل من هذا الوجه، إلا ما في آخره من حديث مسعر، عن معن، فإنه مسند، وهذا القدر هو الذي احتج به مسلم. وأما أوله: فإن مسلما رَحمهُ الله قد أخرجه قبل هذا الحديث متصلا، من حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فثبت اتصاله، والحمد للَّه.
وإبراهيم هذا هو ابن يزيد النخعي الفقيه، معدود في الطبقة الثانية من تابعي أهل الكوفة، رأى عائشة، وأدرك أنس بن مالك، -رضي الله عنهم-. والله ولي التوفيق.
(43) - حديث آخر: وأخرج في "كتاب الطهارة" حديث أبي العلاء بن الشخير: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينسخ حديثه بعضه بعضا ... الحديث، وأبو العلاء هذا معدود في التابعين، من أهل البصرة، واسمه يزيد بن عبد الله بن الشخير، روى عن أبي هريرة، وعبد الله بن عمر، وعياض بن حمار، وغيرهم، وهو أخو مطرف بن عبد الله بن الشخير، وهذا الكلام لا أعلم أحدا رواه عن أحد من الصحابة، -رضي الله عنهم- من وجه يصح. وقد رُوي بمعناه من حديث عبد الله بن الزبير بن العوام، عن أبيه الزبير -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول القول، ثم يلبث أحيانا، ثم ينسخه بقول آخر، كما ينسخ القرآن بعضه بعضا.
قلت وفي إسناده نظر، وليس من شرط مسلم. والله أعلم. اهـ.
(44) - حديث آخر: وأخرج في "كتاب النكاح" حديث مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن أبيه، أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين تزوج أم سلمة، وأصبحت عنده، قال لها: "ليس بك على أهلك هوان، إن شئت سَبّعت عندك ... " الحديث، وأورده أيضًا من حديث سليمان ابن بلال، وأبي ضمرة، أنس بن عياض، كلاهما عن عبد الرحمن بن حميد، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه مرسلا كذلك.
قلت: وهذا حديث انفرد به مسلم، دون البخاري، وأخرجه في "صحيحه" متصلا من وجه آخر، من حديث سفيان الثوري، عن محمد بن أبي بكر بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن أبيه، عن أم سلمة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم أردفه بحديث مالك وغيره مرسلا، كما ذكرناه، وإنما أراد بذلك -والله أعلم- ليبين الإختلاف الواقع في إسناده، بين رواته، ويَخرُج من عهدته. وقد أورده البخاري رَحمهُ الله في "تاريخه" (?) من حديث الثوري مسندا، كما أورده مسلم، ثم قال عقيبه قال: أنا إسماعيل، حدثني