مالك، وذكر الإسناد الذي قدمناه عنه مرسلا، ثم قال: الصحيح هذا.

قلت: وقد حكى بعض العلماء عن الدارقطني، أنه حكم بصحة حديث الثوري الذي أسنده، ولو لم يكن كذلك، لما أخرجه مسلم، والله عز وجل أعلم. اهـ.

(45) - حديث آخر: وأخرج في "مقدمة الكتاب" حديث معاذ بن معاذ، وعبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن خُبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع".

قلت: وهذا مرسل، وكذلك رواه غندر، وحفص بن عمر، عن شعبة، إلا أن مسلما رَحمهُ اللهُ أردفه بطريق آخر متصل، من حديث علي بن حفص المدائني، عن شعبة، عن خبيب، عن حفص، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فاتصل ذلك المرسل من هذا الوجه الثاني، لكن رواية ابن مهدي، ومن تابعه على إرساله أرجح؛ لأنهم أحفظ، وأثبت من المدائني الذي وصله، وإن كان قد وثقه يحيى بن معين، والزيادة من الثقة مقبولة، عند أهل العلم، ولهذا أورده مسلم من الطريقين؛ ليبين الاختلاف الواقع في اتصاله، وقَدَّم رواية من أرسله؛ لأنهم أحفظ، وأثبت كما بيناه. وقد سئل أبو حاتم الرازي عن علي ابن حفص هذا، فقال: يكتب حديثه، ولا يحتج به. ولهذا قال أبو الحسن الدارقطني. الصواب في هذا الحديث المرسل. والله عز وجل أعلم.

(46) - حديث آخر: وأخرج في "كتاب الصلاة" (?) حديث ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-، قالت: أعتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة من الليالي بصلاة العشاء، وهي التي يدعونها العتمة ... الحديث. وفي آخره: قال ابن شهاب: وذُكر لي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "وما كان لكم أن تَنْزُروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الصلاة"، وذلك حين صاح عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه-.

قلت: هكذا هو في كتاب مسلم، وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (?) والنسائي في "سننه" (?) فلم يذكرا هذه الزيادة التي في آخره، من قول الزهري، ولا أعلم الآن من أسندها من الرواة، والله عز وجل أعلم.

وقوله: "تنزوا" -بفتح التاء باثنتين من فوقها، بعدها نون ساكنة، ثم زاي مضمومة، بعدها راء مهملة-: معناه تُلِحّوا، من نزره إذا ألح عليه، وقيده بعضهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015