الدَّعْوَى فَلَهُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى الْمُخَاطَبِ وَغَيْرِهِ وَيصِح من حَيْثُ نفي الضَّمَان، وَإِن كَانَ عَنْ دَعْوَاهَا: فَإِنْ أَضَافَ الْإِبْرَاءَ إلَى الْمُخَاطب كأبرأتك عَن هَذِه الدَّار أَلا عَنْ خُصُومَتِي فِيهَا أَوْ عَنْ دَعْوَى فِيهَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى الْمُخَاطَبِ فَقَطْ، وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ بَرِئْتُ عَنْهَا أَوْ أَنا برِئ فَلَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا، هَذَا لَوْ عَلَى طَرِيقِ الْخُصُوصِ: أَيْ عَيْنٌ مَخْصُوصَةٌ، فَلَوْ عَلَى الْعُمُومِ فَلهُ الدَّعْوَى على الْمُخَاطب وَغَيره، كَمَا لَوْ تَبَارَأَ الزَّوْجَانِ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَلَهُ أَعْيَانٌ قَائِمَةٌ لَهُ الدَّعْوَى بِهَا لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الدُّيُونِ لَا الْأَعْيَانِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ على وَجه الاخبار كَقَوْلِه هِيَ برِئ مِمَّا لِي قِبَلَهُ فَهُوَ صَحِيحٌ مُتَنَاوِلٌ لِلدَّيْنِ وَالْعَيْنِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَكَذَا لَا مِلْكَ لي فِي هَذَا الْعين.

ذكره فِي الْمَبْسُوط وَالْمُحِيط.

فلعم أَنَّ قَوْلَهُ لَا أَسْتَحِقُّ قِبَلَهُ حَقًّا مُطْلَقًا وَلَا دَعْوَى يَمْنَعُ الدَّعْوَى بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ: لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ يَشْمَلُ كُلَّ عَيْنٍ وَدَيْنٍ، فَلَوْ ادَّعَى حَقًّا لَمْ يُسْمَعْ مَا لَمْ يَشْهَدُوا أَنَّهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ اهما فِي الْبَحْرِ مُلَخَّصًا.

وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا حَقَّ لِي إبْرَاءٌ عَامٌّ لَا إِقْرَار.

قَوْله: (الصِّحَّة مُطلقًا) وَلَو من غير هَذِه الْحِيلَة فَلَا تصح الدَّعْوَى بعده وَإِن برهن.

أَقُول: الابراء عَن الاعيان لَا يَصح اتِّفَاقًا، أما فِي خُصُوص الْمَسْأَلَة، وَهُوَ مَا إِذا ادّعى دَارا

وَصَالَحَهُ على بَيت مِنْهَا يَصح فِي ظَاهر الرِّوَايَة، وَيجْعَل كَأَنَّهُ قبل مِنْهُ بعض حَقه وأبرأه عَن الدَّعْوَى فِي بَاقِيه كَمَا قدمنَا، لَان الابراء عَن الْعين إِبْرَاء عَن الدَّعْوَى فِيهِ، والابراء عَن الدَّعْوَى فِي الاعيان صَحِيح.

وعَلى مَا فِي الْمَتْن وَهُوَ رِوَايَة ابْن سَمَّاعَة لم يَجعله إِبْرَاء عَن الدَّعْوَى وَقَالَ بِعَدَمِ صِحَّته.

قَالَ فِي الِاخْتِيَار: وَلَو ادّعى دَارا فَصَالحه على قدر مَعْلُوم مِنْهَا جَازَ وَيصير كَأَنَّهُ أَخذ بعض حَقه وأبرأه عَن دَعْوَى الْبَاقِي، والبراءة عَن الْعين وَإِن لم تصح لَكِن الْبَرَاءَة عَن الدَّعْوَى تصح، فصححناه على هَذَا الْوَجْه قطعا للمنازعة اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَة البرهانية: ادّعى دَارا فِي يَد رجل واصطلحا على بَيت مَعْلُوم من الدَّار فَهُوَ على وَجْهَيْن: إِن وَقع الصُّلْح على بَيت مَعْلُوم من دَار أُخْرَى للْمُدَّعى عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِز، وَإِن وَقع الصُّلْح على بَيت مَعْلُوم من الدَّار الَّتِي وَقع فِيهَا الدَّعْوَى فَذَلِك الصُّلْح جَائِز لانه فِي زعم الْمُدَّعِي أَنه أَخذ بعض حَقه وَترك الْبَعْض، وَفِي زعم الْمُدعى عَلَيْهِ أَنه فدَاء عَن يَمِينه.

وَإِذا جَازَ هَذَا الصُّلْح هَل يسمع دَعْوَى الْمُدعى بعد ذَلِك وَهل تقبل إِن كَانَ الْبَيْت من دَار أُخْرَى؟ لَا تسمع دَعْوَاهُ باتفقا الرِّوَايَات، لَان هَذَا مُعَاوضَة بِاعْتِبَار جَانب الْمُدَّعِي فَكَأَنَّهُ بَاعَ مَا ادّعى بِمَا أَخذ.

وَفِيمَا إِذا وَقع الصُّلْح على بَيت من هَذِه الدَّار ذكر شيخ الاسلام نجم الدّين النَّسَفِيّ فِي شرح الْكَافِي أَنه تسمع، وَهَكَذَا يُفْتِي الشَّيْخ الامام الاجل ظهير الدّين المرغيناني، وَذكر شيخ الاسلام فِي شَرحه أَنه لَا تسمع دَعْوَاهُ.

وروى ابْن سَمَّاعَة عَن مُحَمَّد أَنه تسمع.

قَالُوا: وَهَكَذَا ذكر فِي بعض رِوَايَات الصُّلْح، واتفقت الرِّوَايَات أَن الْمُدعى عَلَيْهِ لَو أقرّ بِالدَّار للْمُدَّعِي أَنه يُؤمر بِتَسْلِيم الدَّار إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة ابْن سَمَّاعَة أَن الْمُدَّعِي بِهَذَا الصُّلْح استوفى بعض حَقه أَو أَبْرَأ عَن الْبَاقِي، إِلَّا أَن الابراء لَاقَى عينا والابراء عَن الاعيان بَاطِل، فَصَارَ وجوده وَعَدَمه بِمَنْزِلَة شئ وَاحِد.

وَجه ظَاهر الرِّوَايَة أَن الابراء لَاقَى عينا وَدَعوى فَإِن الْمُدَّعِي كَانَ يَدعِي جَمِيع الدَّار لنَفسِهِ والابراء عَن الدَّار صَحِيح، وَإِن كَانَ الابراء عَن الْعين لَا يَصح، فَإِن من قَالَ لغيره أَبْرَأتك عَن دَعْوَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015