الْمُوجب تَسْلِيم الْجَارِيَة وَقد عجز عَن تَسْلِيمهَا فَيجب قيمتهَا.
كَذَا فِي شرح تَلْخِيص الْجَامِع للفخر المارديني.
ثمَّ قَالَ: وَفِيه إِشْكَال، وَهُوَ أَن يُقَال: إِذا أقررتم أَن الصُّلْح عَن الدَّم لَا ينْتَقض بِاسْتِحْقَاق الْجَارِيَة وَجب أَن لَا يرجع إِلَى دَعْوَاهُ: يَعْنِي سَوَاء كَانَ الصُّلْح عَن إِنْكَار أَو بَيِّنَة أَو نُكُول لَان الرُّجُوع
إِلَى الدَّعْوَى نتيجة انْتِقَاض الصُّلْح كَمَا تقدم آنِفا وَلم ينْتَقض انْتهى.
قَالَ فِي الْبَحْر: وَلَو اسْتحق الْمصَالح عَلَيْهِ أَو بعضه رَجَعَ إلَى الدَّعْوَى فِي كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَهُوَ من جنس الْمُدعى بِهِ فيحنئذ يَرْجِعُ بِمِثْلِ مَا اسْتَحَقَّ وَلَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ، كَمَا إذَا ادَّعَى أَلْفًا فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ وَقَبَضَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهَا سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا لَوْ وَجَدَهَا سَتُّوقَةً أَوْ نَبَهْرَجَةً، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَالدَّنَانِيرِ، هَذَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَإِنَّ الصُّلْحَ يَبْطُلُ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ رَجَعَ بِمِثْلِهَا وَلَا يَبْطُلُ الصُّلْح كالفلوس اهـ.
قَوْله: (فَإِن وَقع بِهِ) أَي بِلَفْظ البيع، بِأَن عبر بِلَفْظ البيع عَن الصُّلْح فِي الانكار وَالسُّكُوت بِأَن قَالَ أَحدهمَا بِعْتُك هَذَا الشئ بِهَذَا وَقَالَ الآخر اشْتَرَيْته حَيْثُ يرجع الْمُدَّعِي عِنْد الِاسْتِحْقَاق على الْمُدعى عَلَيْهِ بالمدعي نَفسه لَا بِالدَّعْوَى، لَان إقدام الْمُدعى عَلَيْهِ على الْمُبَايعَة إِقْرَار مِنْهُ بِأَن الْمُدَّعِي ملك الْمُدعى فَلَا يعْتَبر إِنْكَاره، بِخِلَافِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لَهُ، إذْ الصُّلْح قد يَقع لدفع الْخُصُومَة كَمَا يَأْتِي قَرِيبا
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ إقْدَامَهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
قَوْلُهُ: (إِقْرَار بِالْمِلْكِيَّةِ) أَيْ لِلْمُدَّعِي، بِخِلَافِ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لَهُ، إذْ الصُّلْحُ قَدْ يَقَعُ لِدَفْعِ الْخُصُومَة
قَوْله: (قبل التَّسْلِيم لَهُ) وَأما هَلَاكه بعد تَسْلِيمه لَهُ فَيهْلك على الْمُدَّعِي لدُخُوله فِي ضَمَانه.
قَوْله: (كاستحقاقه) أَي كاستحقاق بدل الصُّلْح كَذَلِك: أَي كلا أَو بَعْضًا.
قَوْله: (فِي الْفَصْلَيْنِ) أَي مَعَ إِقْرَار أَو مَعَ سكُوت وإنكار فَيرجع بالمدعي أَو بِالدَّعْوَى، فَإِن كَانَ عَن إِقْرَار رَجَعَ بعد الْهَلَاك إِلَى الْمُدَّعِي، وَإِن كَانَ عَن إِنْكَار رَجَعَ إِلَى الدَّعْوَى.
وَإِذا هلك بعضه يكون كاستحقاق بعضه حَتَّى يبطل الصُّلْح فِي قدره وَيبقى فِي الْبَاقِي.
منح.
قَوْله: (وَهَذَا) أَي رُجُوعه إِلَى الدَّعْوَى عِنْد اسْتِحْقَاق الْبَدَل أَو هَلَاكه قبل التَّسْلِيم.
قَوْله: (لَو الْبَدَل) أَي لَو كَانَ الْبَدَل مِمَّا يتَعَيَّن.
قَوْله: (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ لَا يتَعَيَّن وَهُوَ من جنس الْمُدعى بِهِ.
قَوْله (لم يبطل) أَي الصُّلْح.
قَوْله: (بل يرجع بِمثلِهِ) كَأَن كَانَ دَرَاهِم أَو دَنَانِير، فَإِن الصُّلْح لَا يبطل بهلاكه لانهما لَا يتعينان فِي الْعُقُود والفسوخ فَلَا يتَعَلَّق بهما العقد عِنْد الاشارة إِلَيْهِمَا وَإِنَّمَا يتَعَلَّق بمثلهما فِي الذِّمَّة فَلَا يتَصَوَّر فِيهِ الْهَلَاك.
وَالْحَاصِل: أَنه إِذا ادّعى عَلَيْهِ أَلْفًا فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ وَقَبَضَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ عِنْد اسْتِحْقَاقهَا
سَوَاء كَانَ الصُّلْح قبل الِافْتِرَاق أَو بعده، بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ من غير الحنس كَالدَّنَانِيرِ هُنَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَإِنَّ الصُّلْح يبطل، وَإِن كَانَ قبله فَإِنَّهُ يرجع لمثلهَا وَلَا يبطل الصُّلْح كالفلوس كَمَا قدمنَا.