قَالَ الْعَلامَة الْخَيْر الرَّمْلِيّ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إذَا امْتَنَعَ عَن الْقيام بِالْوَصِيَّةِ إِلَّا بِأَجْر فِي مُقَابلَة عمله لَا يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ، وَلَا جبر على الْمُتَبَرّع.

وَإِذا رأى القَاضِي أَن يعْمل لَهُ أُجْرَة على عمله وَكَانَت أُجْرَة الْمثل فَمَا الْمَانِع قِيَاسا واستحسانا، وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى، وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ مِرَارًا، وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي الْوَلوالجِيَّة كَمَا هُوَ ظَاهر لَان الْمَوْضُوع مُخْتَلف كَمَا يظْهر بِأَدْنَى تَأمل.

اهـ.

أَقُول: إِنَّمَا كَانَ الْمَوْضُوع مُخْتَلفا لَان مَوْضُوع مَسْأَلَة الْوَلْوَالجيّ فِي وجوب الْعَمَل بِقبُول الْوَصِيَّة وموضوع مَا ذكره فِي عدم الْجَبْر على الْعَمَل وَهُوَ لَا يُنَافِي الْوُجُوب، لَكِن قَالَ الطَّحْطَاوِيّ: وَفِيه تَأمل، إِذْ بعد الْقبُول لَا يُقَال إِنَّه مُتَبَرّع.

وَالْحَاصِل: أَن وَصِيّ الْمَيِّت لَا أجر لَهُ إِلَّا إِذا كَانَ مُحْتَاجا فَلهُ الاكل من مَال الْيَتِيم بِقدر عمله، وللقاضي أَن يفْرض لَهُ ذَلِك، لَكِن للمستقبل لَا لما مضى لشروعه فِيهِ مُتَبَرعا.

وَأما وَصِيّ القَاضِي، فَإِن كَانَ مُحْتَاجا فَكَذَلِك، وَإِلَّا فَإِن نَصبه القَاضِي وَجعل لَهُ أُجْرَة الْمثل جَازَ، وَكَذَا إِذا امْتنع بعد النصب عَن الْعَمَل حَتَّى يَجْعَل لَهُ أُجْرَة لَان وصايته غير لَازِمَة، لَان لَهُ أَن يعْزل نَفسه فَلهُ أَن يمْتَنع عَن الْمُضِيّ

فِي الْعَمَل إِلَّا بِأَجْر، وَتَمام الْكَلَام على ذَلِك فِي بَاب الْوَصِيّ آخر الْكتاب فَرَاجعه إِن شِئْت.

قَوْله: (إِذا عملا) فيستحقان أُجْرَة الْمثل.

أشباه.

قَالَ فِي الْقنية: إِذا عين القَاضِي لَهُ أجرا فَهُوَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَذكر أَن لَهُ أُجْرَة مثله وَلَو لم يُعينهُ القَاضِي، وَتقدم ذَلِك فِي كتاب الْوَقْف، وَذكره فِي الْوَصَايَا.

قَوْله: (قلت) القَوْل لصَاحب الاشباه.

قَوْله: (فَعلم مِنْهُ أَن لَا أجر للنَّاظِر الخ) أَي من

قَوْله: (إِذا عملا) أَي إِلَّا إِذا كَانَ مَشْرُوطًا من جِهَة الْوَاقِف.

أَفَادَهُ أَبُو السُّعُود.

وَوجه الْعَمَل أَنه لَا عمل حِينَئِذٍ ط.

وَالْحَاصِل: أَن الْوَاقِف إِن عين للنَّاظِر شَيْئا فَهُوَ لَهُ كثيرا كَانَ أَو قَلِيلا على حسب مَا شَرطه عمل أَو لم يعْمل حَيْثُ لم يَشْتَرِطه فِي مُقَابلَة الْعَمَل، وَإِن لم يعين لَهُ الْوَاقِف وَعين لَهُ القَاضِي أُجْرَة مثله جَازَ، وَإِن عين أَكثر يمْنَع عِنْد الزَّائِد عَن أُجْرَة الْمثل، هَذَا إِن عمل، وَإِن لم يعْمل لَا يسْتَحق أُجْرَة، وبمثله صرح فِي الاشباه فِي كتاب الدَّعْوَى.

وَإِن نَصبه القَاضِي وَلم يعين لَهُ شَيْئا ينظر، إِن كَانَ الْمَعْهُود أَن لَا يعْمل إِلَّا بِأُجْرَة الْمثل فَلهُ أُجْرَة الْمثل، لَان الْمَعْهُود كالمشروط وَإِلَّا فَلَا شئ لَهُ، وَبَيَان تَفْصِيل ذَلِك مَعَ أدلته فِي كتاب الْوَقْف فَارْجِع إِلَيْهِ.

قَوْله: (ودافع ألف مقرضا ومقارضا) قَالَ ابْن الشّحْنَة: مَسْأَلَة الْبَيْت من الْبَدَائِع.

قَالَ: وَلَوْ قَالَ خُذْ هَذِهِ الْأَلْفَ عَلَى أَنَّ نصفهَا عَلَيْك قرض على أَنْ تَعْمَلَ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ مُضَارَبَةً عَلَى أَنَّ ربح لي فَهَذَا مَكْرُوه لانه شَرط لنَفسِهِ مَنْفَعَة فِي مُقَابلَة الْقَرْض، وَقد نهى رَسُول الله (ص) عَن قرض جر نفعا فَإِن عمل هَذَا وَربح فَالرِّبْح بَينهمَا نِصْفَانِ، لَان الْمضَارب ملك نصف المَال بالقرض فَكَانَ نصف الرِّبْح لَهُ وَالنّصف الآخر بضَاعَة فِي يَده فربحه لرب المَال.

قَوْله: (وَربح الْقَرَاض) أَي لرب المَال خَاصَّة.

قَوْله: (الشَّرْط جَازَ) وَيجْعَل النّصْف بضَاعَة ونماء النّصْف الْقَرْض للمستقرض، لَان الْمُضَاربَة لما فَسدتْ بِاشْتِرَاط كل الرِّبْح لرب المَال صَارَت بضَاعَة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015