من الألفاظ، والسؤال في نفسه فاسد لأنه متناقض، إذ معناه أن الله حمد نفسه ونهى المخلوق عن حمد نفسه، وأي تعارض في هذا؟ وأصل التعارض بين الشيئين، إنما ينبني على تساويهما في المرتبة، ولا مساواة بين الله والخلق، فلا معارضة.
تحقيقه: أن التعارض بين الشيئين إنما يكون إذا تعلقا بمعنى واحد من جهة واحدة في حق شخص واحد في وقت واحد، والذي ينبغي أن يعول عليه في هذا الباب كتاب "ابن فورك" في "مشكل القرآن" (?) فإنه لم يؤلف مثله، وقد جمع على نحوه "الرُمَّانِي" في "تفسير القرآن" عشر مجلدات حسناً في وصفه، باطلاً في مقطعه، فإنه مبتدع لا ينبغي لأحد أن يقرأ كتابه إلا أن يكون سبوحاً في لُجَّةِ بحَارِ الشُّبَهِ، لئلا تتعلق بقلبه شبهة يظنها شَهْداً وهي صبِر، ويرى فيه ما يعجبه فإذا به قذارة وهلكة. وقد كنت في إملاء "أنوار الفجر في مجالس الذكر" أسلك هذا الباب كثيراً، وأورد فيه عظيماً كما سمعتم، وكانت اللواقط تكثر في مجلسي، فما ظَفِرْت قط بشيء من السواقط، لأن طرق كلامي كانت محفوظة بالحرس، محققة بين النفس والنفس، وهو معنى عظيم، وقد فتحت لكم بابه، وهتكت حجابه، وشرعت سبيله، وأوضحت دليله، فمن كان له منكم قلب فقد وعاه ومن علم الباطن أن تستدل من مدلول اللفظ على نظير المعنى، وهذا باب جرى في كتب التفسير كثيراً، وأحسن ما ألف فيه "اللطائف والإشارات" للقشيري (?) رضي الله عنه، وإن فيه لتكلفاً أوقعه فيه ما سلكه من مقاصد الصوفية، فخذوا ما تعلمون وقفوا دون ما تجهلون، ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون.