السنة والمبتدعين، فاستفدت من أهل السنة، وجادلت بالتي هي أحسن أهل البدعة، وأفنيت عظيماً من الزمان في طريقة الصوفيين، ولقيت رجالاتهم في تلك البلاد أجمعين، وما كنت أسمع بأحد يشار إليه بالأصابع أو تُثْنى عليه الخناصر، أو تُصِيخُ إلى ذكره الآذان، أو ترفع إلى منظرته الأحداق، إلاَّ رحلت إليه قصياً، أو دخلت إليه قرياً. وقد كان تأصل عندي بما قدمتُه تثقيف الدليل وقانون التأويل، فولجت من ذلك جنة لا يتكدر تسنيمها (?)، ولا يتغير نعيمها. وقد كان دَانِشْمَنْد - رحمه الله - حين عرضي عليه، زَيَّفَ مَا زَيَّفَ، وعَرَّف ما عَرف، فتخلَّص الاعتقاد، وتحصل المراد، ووقف الأمر على قسمين:
أحدهما معرفة النفس، والثاني معرفة الرب.
اعلموا -أنالكم الله آمالكم في المعلومات- أن معرفة العبد نفسه من أوْلَى ما عليه وأوْكَده، إذ (?) لا يعرف ربه إلاَّ من عرف نفسه: قال الله سبحانه: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21].
وقال: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} [المؤمنون: 12]