7763 - (ما الدنيا في الآخرة) قال التفتازاني: أي في جنبها وبالإضافة إليها وهو حال عاملها بمعنى النفي وقد يقدر مضاف أي يسير الدنيا واعتبارها فهو العامل (إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم) أي البحر (فأدخل أصبعه فيه فما خرج منه فهو الدنيا) فإذن لا يجدي وجوده لواجديه ولا يضر فقدانه لفاقديه وذلك أن المرء إذا نظر لحالاته وجدها ثلاثا: الأولى قبل أن يوجد الثانية حاله من موته إلى خلوده الدائم في الجنة أو النار الثالثة ما بين هاتين الحالتين فإذا أمعن النظر في قدر مدة حياته ونسبة إلى تلك الحالتين علم أنه أقل من طرفة عين في قدر عمر الدنيا وفي الحديث نص على تفضيل الآخرة على الدنيا وما فيها مطلقا ورد على من قال إن ما فيها من العبادة أفضل مما في الآخرة من النعيم لأنه حظ العبد بما لا نسبة في الدنيا إليه لانكشاف الغطاء هناك ومصير معرفة الله التي هي أصل كل علم عيانا واعلم أن المثل إنما يضرب عن غائب بحاضر يشبه من بعض وجوهه أو معظمها وما لا مشابه له منع فيه من ضرب المثل ومثل الدنيا بالذي يعلق بالأصبع من البحر تقريبا للعوام في احتقار الدنيا وإلا فالدنيا كلها في جنب الجنة ودوامها أقل لأن البحر يفنى بالقطراث والجنة لا تتبيد ولا يفنى نعيمها بل يزيد للواحد من العبيد فكيف بجميع أهل التوحيد
(ك) في الرقاق (عن المستورد) قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكرنا الدنيا والآخرة فقال بعضهم: إنما الدنيا بلاغ الآخرة فيها العمل وقالت طائفة: الآخرة فيها الجنة وقالوا ما شاء الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الدنيا إلخ قال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي