من شرح المركز لزوائد الجامع الصغير: الحديث روى معناه أبو داود (2093) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها " وقال الألباني: حسن صحيح. قال أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود: قوله صلى الله عليه وسلم (تستأمر اليتيمة) هي صغيرة لا أب لها والمراد هنا البكر البالغة سماها باعتبار ما كانت كقوله تعالى {وآتوا اليتامى أموالهم} وفائدة التسمية مراعاة حقها والشفقة عليها في تحري الكفاية والصلاح فإن اليتيم مظنة الرأفة والرحمة. ثم هي قبل البلوغ لا معنى لإذنها ولا لإبائها فكأنه عليه السلام شرط بلوغها فمعناه لا تنكح حتى تبلغ فتستأمر أي تستأذن. كذا قال القاري في المرقاة (وإن أبت فلا جواز عليها) : بفتح الجيم أي فلا تعدي عليها ولا إجبار. قال الخطابي في المعالم: واليتيمة ها هنا هي البكر البالغة التي مات أبوها قبل بلوغها فلزمها اسم اليتيم فدعيت به وهي بالغة. والعرب ربما دعت الشيء بالاسم الأول الذي إنما سمي به لمعنى متقدم ثم ينقطع ذلك المعنى ولا يزول الاسم. وقال: وقد اختلف العلماء في جواز إنكاح غير الأب للصغيرة فقال الشافعي: لا يزوجها غير الأب والجد ولا يزوجها الأخ ولا العم ولا الوصي. وقال الثوري: لا يزوجها الوصي. وقال حماد بن سليمان ومالك بن أنس: للوصي أن يزوج اليتيمة قبل البلوغ وروى ذلك عن شريح. وقال أصحاب الرأي: لا يزوجها الوصي حتى يكون وليا لها وللولي أن يزوجها وإن لم يكن وصيا لأن لها الخيار إذا بلغت انتهى. وقال الترمذي بعد إخراج هذا الحديث: اختلف أهل العلم في تزويج اليتيمة: فرأى بعض أهل العلم: أن اليتيمة إذا زوجت فالنكاح موقوف حتى تبلغ فإذا بلغت فلها الخيار في إجاز النكاح أو فسخه وهو قول بعض التابعين وغيرهم وقال بعضهم: لا يجوز نكاح اليتيمة حتى تبلغ ولا يجوز الخيار في النكاح وهو قول سفيان الثوري والشافعي وغيرهما من أهل العلم. وقال أحمد وإسحاق: إذا بلغت اليتيمة تسع سنين فزوجت فرضيت فالنكاح جائز ولا خيار لها إذا أدركت واحتجا بحديث عائشة: " أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى بها وهي بنت تسع سنين " وقد قالت عائشة: إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة قال المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي قال الترمذي: حديث حسن. (قال سكاتها إقرارها) : وفي رواية للبخاري: " سكاتها إذنها ". وفي أخرى له " رضاها صمتها ". قال ابن المنذر: يستحب إعلام البكر أن سكوتها إذن لكن لو قالت بعد العقد ما علمت أن صمتي إذن لم يبطل العقد بذلك عند الجمهور وأبطله بعض المالكية وقال ابن شعبان منهم: يقال لها ذلك ثلاثا إن رضيت فاسكتي وإن كرهت فانطقي. وقال بعضهم: يطال المقام عندها لئلا تخجل فيمنعها ذلك من المسارعة. واختلفوا فيما إذا لم تتكلم بل ظهرت منها قرينة السخط أو الرضا بالتبسم مثلا أو البكاء: فعند المالكية: إن نفرت أو بكت أو قامت أو ظهر منها ما يدل على الكراهة لم تزوج. وعند الشافعية: لا أثر لشيء من ذلك في المنع إلا أن قرنت مع البكاء الصياح ونحوه. وقرق بعضهم بين الدمع فإن كان حارا دل على المنع وإن كان باردا دل على الرضا. وفي هذا الحديث إشارة إلى أن البكر التي أمر باستئذانها هي البالغ إذ لا معنى لاستئذان من لا تدري ما الإذن ومن يستوي سكوتها وسخطها. كذا في الفتح