في مهب المعركه (صفحة 175)

الإِنسان عندهم، وتشوه بالتالي السياسة الغربية في العالم، وربما يجب بعض الاستثناء بخصوص ما يسميه الدكتور خالدي: المعجزة الانجليزية، عندما يشير إلى الاتجاه الجديد الذي اتخذته انجلترا إزاء المستعمرات منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ولكن أليس مما يستحق الملاحظة أن انجلترا كانت، في الوقت ذاته الذي تعلن فيه استقلال بعض مستعمراتها مثل الهند، تفسح المجال إلى جيوش الاستعمار الهولندي التي تنزل بميناء سانغافورة كي تحتل أندونيسيا من جديد.

ولكن فلنعف عن ((المعجزة)) لأنها ما قبلت ولا تقبل التحليل ولنتركها قابعة في سرها، وحسبنا أن نسجل هذا الاتجاه الجديد في سياسة انجلترا باعتباره قد اتخذ فعلا في التاريخ مبادرة تحرير مستعمراتها دون أن تشعر في ظاهر الأمر، بضغط من الخارج.

ولكن هل ان هذا التطور الرسمي الذي ظهر أثره في أعمال الحكومة الانجليزية، قد تجاوب مع تطور حقيقي في نفسية الفرد الانجليزي تجاه الإنسان؟ ... القضية في هذا المجال فيها نظر ...

والواقع أن فلسفة الانسان لا زالت في الغرب رهينة تعابير ومصطلحات لا تسمح للذهن الغربي أن يتصور وحدة الانسان، وتضامن ملحمته على وجه الأرض .. ، فهناك كلمات مثل ((الأهلي)) و ((الولد)) و ((الولود)) و ((الأسود)) و ((الجلد الأحمر)) تعبر، في الغرب، عن عينات إِنسانية سفلى، وهناك عبارات تضفي على بعض الأجناس صفات أو ألقاباً معينة إلى الأبد، مثل ((الهندي الخفي)) و ((العربي غير المكترث)) و ((الصيني الغامض)) ألخ ....

ففي اللحظة التي أكتب فيها هذه السطور يقع تحت نظري عدد من مجلة ((إيكو)) أرى على وجهها صورة رجل صيني، أراد محرر المجلة أن يعلق تحتها هذا السؤال ((ماذا يختفي وراء هذا الوجه الغامض))؟

وإنني أحدق في الصورة كي أرى ما يبرر هذا السؤال، فلا أجد أي غموض،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015